آية الأسبوع

آية الأسبوع:

{كِتَابٌ أَنْـزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الأَلْبَابِ} سورة ص آية 29

حديث شريف

حديث نبوي شريف:

عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله تعالى يتلون كتاب الله ويتدارسونه بينهم إلا نزلت عليهم السكينة وغشيتهم الرحمة وحفتهم الملائكة وذكرهم الله فيمن عنده.


دعاء الأسبوع

دعاء الأسبوع:

اللهم اجعل القرآن العظيم ربيع قلوبنا ونور صدورنا وجلاء أحزاننا وذهاب همومنا وذنوبنا اللهم اجعلنا من الذين يتلونه آناء الليل وأطراف النهار اللهم اجعله حجتاً لنا لا علينا اللهم اجعله شافعا لنا يوم القيامة

مقتطفات من مقالات الموقع

بعد غياب دام لشهور استوجبته بعض الظروف الشخصية و حاجة للوقوف مع النفس و للتأمل في أهداف الموقع و الطموح للتجديد في محتواه، يسرني أن أعلمكم بإذن الله باستئناف نشر المقالات و الدروس الهادفة، و انطلاق سلسلة أحكام تجويد القرآن الكريم المدرجة بعنوان "و رتل القرآن ترتيلا"، نسأل الله تعالى التوفيق و السداد لما فيه خير و أن يتقبل منا و منكم صالح الأعمال و يجعلنا من أهل القرآن.

الثلاثاء، 21 أكتوبر 2014

وقفة مع سورة المزمل

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ



بسم الله الرحمن الرحيم ، والحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على سيد المرسلين المبعوث رحمة للعالمين محمد بن عبدالله ، وعلى آله وصحبه أجمعين ، وبعد :
فإن أول ما نزل من القرآن الكريم على الإطلاق سورة (اقرأ) ، التي تحث في مجمل آياتها على فضل العلم وتعلمه ، ذلك العلم الباعث على الهدى ، والمعين عليه ، وهو العلم عن الله المبلغ عن طريق رسوله عليه الصلاة والسلام ؛ أمرًا ونهيًا وتوحيدًا ، ولعبادته على الوجه الذي أمر به والاستقامة عليه.

ثم نزلت سورة المدثر (قم فأنذر) ؛ فبعد العلم تكون الدعوة إليه ونشره ، وهو محض فريضة على عباد الله ؛ فمنهم من يُعلم العلم ، ومنهم من يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر ؛ فهو ليس أمرًا اختياريًّا إن شاء العبد فعله وإن شاء تركه ؛ لقوله تعالى في سورة فصلت : {وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ} [فصلت: 33] وقوله تعالى في سورة آل عمران : {وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُون} [آل عمران: 104]


والعلم والدعوة إليه متلازمان لا ينفكان ؛ فلا يفتر المؤمن عن الدعوة إلى الله والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر خلال رحلة حياته ، التي يستمر بها متعلمًا وعاملًا ، عابدًا وداعيًا .

ومما يطرأ على العباد بمختلف مشاربهم وتعدد مستويات علمهم ودعوتهم : نوازع النفس وحظوظها ، التي تدعوهم إلى العجب بعد ثناء الناس عليهم أو إعجابهم بأنفسهم ؛ فتجد العالم والمتعلم منهم على حد السواء منخرطًا في الدروس والمحاضرات والأنشطة والفعاليات ، وهو فضل كبير بلا شك ، إلا أن هذا الفضل قد تشوبه شوائب الرياء أو العُجب ؛ فالنية - ومحلها القلب - متقلبة ، والثبات والإخلاص مطلب عزيز ظفر به من منَّ الله عليه من صفوة عباده ، الذين راقبوا الله سرًّا وعلانية ، واجتهدوا بعد الاستعانة به عز وجل في تحقيق هذا المطلب العظيم .

وفي سورة المزمل إشارات عظيمة إلى هذه المعاني وأحوال المؤمن مع الإخلاص ( قُمِ الليْلَ إلَّا قَلِيلًا )؛ فمن ذا الذي يقوى على قيام الليل بعد نهار طويل من الكد أو التعلم والتعليم والدعوة ، وقد رأى أنه أحسن عمل نهاره فاكتفى به ؟!

ومن ذا الذي يقوى على تلك العبادة التي لا رياء يشوبها ولا ثناء عليها ولا تشجيع من العباد معها ؛ فترى المؤمن يتخفى فيها ليخلو بربه ويناجيه ؛ فلا عين تبصره ولا لسان يشكره إلا عين الله تعالى .

فالإخلاص الذي يزمل المؤمن ليلًا في وقت السكون والركون ، والذي يدعوه إلى هجر فراشه وترك التلذذ بالراحة وتحقيق أجلِّ معاني العبودية في قيام الليل وإحيائه بالصلاة والذكر وترتيل القرآن ( وَرَتِّلِ الْقُرآنَ تَرْتِيلًا ) .

فشرف المؤمن قيامه بالليل ، وقد أثنى الله تعالى في مواضع كثيرة من كتابه المجيد على قوام الليل المتعبدين فيه : {كَانُوا قَلِيلًا مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ (17) وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ (18)} [الذاريات]

وهنا تتجلى فضيلة ذكر الله على سائر الأعمال التعبدية ؛ لما كان حظها من الرياء كاد أن يكون معدومًا ؛ فخير العبادة ما كان مستترًا عن عيون الخلق كما جاء في الأخبار عن المتصدق الذي لا تعلم شماله ما تنفق يمينه .

وقيام الليل يورث نورًا في القلب ، وسكينة في الجوارح ، واطمئنانًا يغمر صاحبه ؛ فبه تتحقق العبودية الخالصة ، وبه يُستعان على شدائد الأمور ومصاعب الدعوة وطريقها الوعر ؛ لذا كان النبي صلى الله عليه وسلم أكثر الناس قيامًا في الليل ، وكان ذلك متوافقًا مع كونه أشد الناس همًّا وأثقلهم حملًا للدعوة والتبليغ .

{إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلًا ثَقِيلًا (5) إِنَّ نَاشِئَةَ اللَّيْلِ هِيَ أَشَدُّ وَطْئًا وَأَقْوَمُ قِيلًا (6)} [المزمل] فهذا القرآن الكريم ثقيل بثقل كلام الله عز وجل وما يحمله من شرائع ، المتمثلة بالفرائض والحدود والأوامر والنواهي ، وما يتطلبه من مجاهدة للنفس والشيطان للقيام به ليلًا ، وقال ابن المبارك : " إن ما ثَقُل في الدنيا يُثقل الميزان يوم القيامة " . ( أشد وطئًا ) أي أشد استقامة واستمرارًا على الصواب .

{إِنَّ لَكَ فِي النَّهَارِ سَبْحًا طَوِيل} [المزمل: 7] والسبح - كما جاء في القرطبي - الجري والدوران ، أي فلك يا محمد ولقومك معك في النهار ما يشغلكم من أمور الحياة والسعي في الأرض من طلب رزق أو دعوة ذهابًا ومجيئًا ، أفلا يكون لنا بعد هذا الخطاب والوقوف على بعض أسراره حظ من عبادة السر وتحصيل الشرف ليلًا ؟!

الحقيقة أن لسورة المزمل شجونًا طويلة في نفوس المؤمنين ، والفوائد منها كسائر سور القرآن الكريم لا تنقطع ، وللسورة وقفات وأسرار قد يضيق بنا المجال في الوقوف عليها جميعًا ، وبما سبق نكتفي سائلين المولى عز وجل أن يجعلنا من أهل الشرف والعزة أصحاب الخلوات المباركة بقيام الليل وإحيائه بالذكر ، والتزمل بردائه الساتر عن بواعث الرياء ، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين .




أ.ندى السجان
شعبان 1435

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق