آية الأسبوع

آية الأسبوع:

{كِتَابٌ أَنْـزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الأَلْبَابِ} سورة ص آية 29

حديث شريف

حديث نبوي شريف:

عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله تعالى يتلون كتاب الله ويتدارسونه بينهم إلا نزلت عليهم السكينة وغشيتهم الرحمة وحفتهم الملائكة وذكرهم الله فيمن عنده.


دعاء الأسبوع

دعاء الأسبوع:

اللهم اجعل القرآن العظيم ربيع قلوبنا ونور صدورنا وجلاء أحزاننا وذهاب همومنا وذنوبنا اللهم اجعلنا من الذين يتلونه آناء الليل وأطراف النهار اللهم اجعله حجتاً لنا لا علينا اللهم اجعله شافعا لنا يوم القيامة

مقتطفات من مقالات الموقع

بعد غياب دام لشهور استوجبته بعض الظروف الشخصية و حاجة للوقوف مع النفس و للتأمل في أهداف الموقع و الطموح للتجديد في محتواه، يسرني أن أعلمكم بإذن الله باستئناف نشر المقالات و الدروس الهادفة، و انطلاق سلسلة أحكام تجويد القرآن الكريم المدرجة بعنوان "و رتل القرآن ترتيلا"، نسأل الله تعالى التوفيق و السداد لما فيه خير و أن يتقبل منا و منكم صالح الأعمال و يجعلنا من أهل القرآن.

الخميس، 29 ديسمبر 2011

الحزب الرابع الثمن الخامس

بسم الله الرحمن الرحيم




سورةالبقرة


الحزب الرابع الثمن الخامس



                                




 وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ لا تُكَلَّفُ نَفْسٌ إِلا وُسْعَهَا لا تُضَارَّ وَالِدَةٌ بِوَلَدِهَا وَلا مَوْلُودٌ لَهُ بِوَلَدِهِ وَعَلَى الْوَارِثِ مِثْلُ ذَلِكَ فَإِنْ أَرَادَا فِصَالا عَنْ تَرَاضٍ مِنْهُمَا وَتَشَاوُرٍ فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا وَإِنْ أَرَدْتُمْ أَنْ تَسْتَرْضِعُوا أَوْلادَكُمْ فَلا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِذَا سَلَّمْتُمْ مَا آتَيْتُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (233) 
وعلى الوالدات إرضاع أولادهن مدة سنتين كاملتين لمن أراد إتمام الرضاعة, ويجب على الآباء أن يكفُلوا للمرضعات المطلقات طعامهن وكسوتهن, على الوجه المستحسن شرعًا وعرفًا; لأن الله لا يكلف نفسًا إلا قدر طاقتها, ولا يحل للوالدين أن يجعلوا المولود وسيلة للمضارة بينهما, ويجب على الوارث عند موت الوالد مثل ما يجب على الوالد قبل موته من النفقة والكسوة. فإن أراد الوالدان فطام المولود قبل انتهاء السنتين فلا حرج عليهما إذا تراضيا وتشاورا في ذلك; ليصلا إلى ما فيه مصلحة المولود. وإن اتفق الوالدان على إرضاع المولود من مرضعة أخرى غير والدته فلا حرج عليهما, إذا سلَّم الوالد للأم حقَّها، وسلَّم للمرضعة أجرها بما يتعارفه الناس. وخافوا الله في جميع أحوالكم, واعلموا أن الله بما تعملون بصير, وسيجازيكم على ذلك.




 وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا فَعَلْنَ فِي أَنْفُسِهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ (234) 
والذين يموتون منكم, ويتركون زوجات بعدهم, يجب عليهن الانتظار بأنفسهن مدة أربعة أشهر وعشرة أيام, لا يخرجن من منزل الزوجية, ولا يتزيَّنَّ, ولا يتزوجن, فإذا انتهت المدة المذكورة فلا إثم عليكم يا أولياء النساء فيما يفعلن في أنفسهن من الخروج, والتزين, والزواج على الوجه المقرر شرعًا. والله سبحانه وتعالى خبير بأعمالكم ظاهرها وباطنها, وسيجازيكم عليها.
 وَلا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا عَرَّضْتُمْ بِهِ مِنْ خِطْبَةِ النِّسَاءِ أَوْ أَكْنَنْتُمْ فِي أَنْفُسِكُمْ عَلِمَ اللَّهُ أَنَّكُمْ سَتَذْكُرُونَهُنَّ وَلَكِنْ لا تُوَاعِدُوهُنَّ سِرًّا إِلا أَنْ تَقُولُوا قَوْلا مَعْرُوفًا وَلا تَعْزِمُوا عُقْدَةَ النِّكَاحِ حَتَّى يَبْلُغَ الْكِتَابُ أَجَلَهُ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي أَنْفُسِكُمْ فَاحْذَرُوهُ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ حَلِيمٌ (235) 
ولا إثم عليكم -أيها الرجال- فيما تُلَمِّحون به مِن طلب الزواج بالنساء المتوفَّى عنهنَّ أزواجهن، أو المطلقات طلاقًا بائنًا في أثناء عدتهن, ولا ذنب عليكم أيضًا فيما أضمرتموه في أنفسكم من نية الزواج بهن بعد انتهاء عدتهن. علم الله أنكم ستذكرون النساء المعتدَّات, ولن تصبروا على السكوت عنهن, لضعفكم; لذلك أباح لكم أن تذكروهن تلميحًا أو إضمارًا في النفس, واحذروا أن تواعدوهن على النكاح سرًا بالزنى أو الاتفاق على الزواج في أثناء العدة, إلا أن تقولوا قولا يُفْهَم منه أن مثلها يُرْغَبُ فيها الأزواج, ولا تعزموا على عقد النكاح في زمان العدة حتى تنقضي مدتها. واعلموا أن الله يعلم ما في أنفسكم فخافوه, واعلموا أن الله غفور لمن تاب من ذنوبه, حليم على عباده لا يعجل عليهم بالعقوبة.




الجمعة، 16 ديسمبر 2011

فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْيَتَامَى قُلْ إِصْلَاحٌ لَهُمْ خَيْرٌ

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم

فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْيَتَامَى قُلْ إِصْلَاحٌ لَهُمْ خَيْرٌ وَإِنْ تُخَالِطُوهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ الْمُفْسِدَ مِنَ الْمُصْلِحِ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَأَعْنَتَكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ  
                

صدق الله العظيم


سورة البقرة آية 220

                                   خواطر الشيخ الشعراوي حول الآية - الجزء الثاني- 


وبعد ذلك يكلفنا سبحانه بأن كل مؤمن عليه أن يأخذ مسئولية الإنفاق على الدائرة القريبة منه؛ ليتحمل كل موجود في الحياة مسئولية قطاع من المجتمع مربوط به رباطا نَسَبِيّاً؛ كالوالدين والأقربين. وأن نجعل الضعفاء من الأيتام مشاعاً على المجتمع مطلوبين من الجميع. سواءٌ كانت تربطهم بنا قرابة أو لا تربطنا بهم قرابة فهم جميعاً أقاربنا؛ لأن الله كلفنا بأن نرعاهم.
ولكن هل يمكن أن يستقر منهج الله دون أن يعاديه أحد؟ طبعاً لا؛ لذلك ينبهنا الحق إلى أننا سنجد أقواماً لا يسعدهم أن يطبق منهج الله في الوجود؛ لأنهم لا يعيشون إلا على مظالم الناس، هؤلاء قوم سيسوؤهم أن يُطبق منهج الله، فلتنتبهوا لهؤلاء؛ ولذلك فرض الحق سبحانه القتال حتى نمنع الفتنة بالكفر من الأرض؛ لأن الكفر يعدد الآلهة في الكون وسيتبع كل إنسان الهوى، ويصبح إلهه هواه وستتعدد الآلهة بتعدد الأهواء، ولذلك كتب الله على المؤمنين القتال وقال: * وَهُوَ كُرْهٌ لَّكُمْ * ، كل ذلك ليضمن لنا الغاية التي يريدها، وهي الدخول في السلم والسلام والإسلام كافة. وبعد ذلك يطلب منا أن نجاهد بأموالنا وأنفسنا وأن نهجر أوطاننا وأهلنا إن احتاجت إلى ذلك الحركة الإيمانية فقال:* إِنَّ الَّذِينَ آمَنُواْ وَالَّذِينَ هَاجَرُواْ وَجَاهَدُواْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أُوْلـائِكَ يَرْجُونَ رَحْمَتَ اللَّهِ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ *

[البقرة: 218]
ويلفتنا الحق بعد ذلك إلى قمة الجهاز التخطيطي في الإنسان ليحميه ويجعله جهازاً سليماً قادراً على التخطيط بصفاء وحكمة وقوة، وهو العقل، ويلفتنا بضرورة أن نمنع عن العقل كل ما يخمره أي يستره عن الحركة نمنع عنه الخمر لماذا؟ ليظل العقل كما يريده الله أداة الاختيار بين البدائل.
وما دام العقل هو الذي يخطط للطاقة الموجودة في الإنسان لتعمل في المادة الموجودة في الكون فيجب أن يظل هذا العقل المخطط سليماً، فلا يحاول الإنسان أن يستره، ولا يقل أحد: " إني أستره من فرط زيادة المشكلات " ، لا: لأن المشكلات لا تريد عقلاً واحداً منك فقط، ولكنها تريد عقلين، فلا تأتي للعقل الواحد لتطمسه بالخمر، فمواجهة المشكلات تقتضي أن نخطط تخطيطاً قوياً.
وبعد ذلك يحذرنا الحق أن نأخذ من حركة الآخرين بغير عرق وبغير جهد، فيحذرنا من الميسر وهو الرزق السهل، والتحذير من الميسر إنما جاء ليضمن لكل إنسان أن يتحرك في الحياة حركة سليمة لا خداع فيها. وكأن كل ما تقدم هو من إشراقات قوله الحق: * فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ * ومن بعد ذلك يقول الحق سبحانه وتعالى:* وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْيَتَامَىا قُلْ إِصْلاَحٌ لَّهُمْ خَيْرٌ وَإِنْ تُخَالِطُوهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ الْمُفْسِدَ مِنَ الْمُصْلِحِ وَلَوْ شَآءَ اللَّهُ لأَعْنَتَكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ *[البقرة: 220]
ونعرف أن اليتامى قد لا يدخلون في دائرة المحتاجين لكن الله ينبهنا إلى أن المسألة في اليتيم ليست مسألة احتياج إلى الاقتيات، ولكنه في حاجة إلى أن نعوضه بالتكافل الإيماني عما فقده من الأب، وذلك يمنع عنه الحقد على الأطفال الذين لم يمت آباؤهم. وحين يجد اليتيم أن كل المؤمنين آباء له فيشعر بالتكافل الذي يعوضه حنان الأب ولا يعاني من نظرة الأسى التي ينظر بها إلى أقرانه المتميزين عليه بوجود آبائهم، وبذلك تخلع منه الحقد.
وكان المسلمون القدامى يخلطون أموالهم بأموال اليتامى ليسهلوا على أنفسهم، وعلى أمر حركة اليتيم مئونة العمل، فلو أن يتيماً دخل تحت وصاية إنسان، وأراد هذا الإنسان أن يجعل لليتيم القاصر حياة مستقلة وإدارة مستقلة ومسلكاً مستقلاً في الحياة لشق ذلك على نفس الرجل، ولذلك أذن الله أن يخلط الوصي ماله بمال اليتيم، وأن يجعل حركة هذا المال من حركة ماله، بما لا يوجد عند الوصي مشقة. ولما نزل قوله تعالى:* وَلاَ تَقْرَبُواْ مَالَ الْيَتِيمِ إِلاَّ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ *[الأنعام: 152]
وتحرج الناس، وتساءلوا كيف يعاملون اليتيم خصوصا أن الحق سبحانه وتعالى قال:* إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَىا ظُلْماً إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَاراً *[النساء: 10]
وكف الناس أيديهم عن أمر اليتامى، وأراد الحق سبحانه وتعالى أن يسهل الأمر، فأنزل القول الحق: * قُلْ إِصْلاَحٌ لَّهُمْ خَيْرٌ وَإِنْ تُخَالِطُوهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ * والمخالطة تكون على أساس أن اليتامى إخوانكم واحذروا جيداً أن يكون في هذا الخلط شيء لا يكون فيه إصلاح لليتيم.

وإياكم أن تفهموا أن الشكلية الاجتماعية تكفي الوصي في أن يكون مشرفاً على مال اليتيم دون حساب؛ لأن الله يعلم المفسد من المصلح. فلا يحاول أحد أن يقول أمام الناس: إنه قد فتح بيته لليتيم وإنه يرعى اليتيم بينما الأمر على غير ذلك؛ لأن الله يعلم المفسد من المصلح.
ويقول الحق: * وَلَوْ شَآءَ اللَّهُ لأَعْنَتَكُمْ * والإعنات هو أن توقع غيرك وتدخله في أمر فيه مشقة، فلو لم يبح الله لكم مخالطتهم لأصابتكم مشقة فيسر الله للمؤمنين من الأوصياء أن يخالطوا اليتامى، ومعنى المخالطة: هو أن يُوحد الوصي حركة اليتيم مع حركته، وأن يوحد معاش اليتيم مع معاشه، بدلاً من أن يكون لليتيم على سبيل المثال أدوات طعام مستقلة، وقد كان هذا هو الحاصل.
وكان يفسد ما يتبقى من الطعام؛ فلم تكن هناك وسائل صيانة وحفظ الأطعمة مثل الثلاجات، وكان ذلك ضرراً باليتيم، وضرراً أيضا بمن يشرف عليه. لكن حين قال: * وَإِنْ تُخَالِطُوهُمْ * ، فكان ذلك توفيرا للمشقة على الأوصياء. فالمخالطة هي المعاشرة التي لا يتعثر فيه التمييز.
وقد درسنا في طفولتنا درسا بعنوان " الخلط والمزج " فالخلط هو أن تخلط على سبيل المثال حبوب الفول مع حبوب العدس، أو حبوب الأرز مع حبوب البندق.
وعندما تأتي لتمييز صنف من آخر، فأنت تستطيع ذلك، وتستطيع أن تفصل الصنفين بعضا عن بعض بالغربال؛ ولذلك فالمخالطة تكون بين الحبوب ونحوها.
أما المزج فهو في السوائل. والحق سبحانه يرشدنا أن نخالط اليتامى لا أن نمزج مالهم بمالنا؛ لأن اليتيم سيصل يوما إلى سن الرشد، وسيكون على الوصي أن يفصل ماله عن مال اليتيم.
ويتابع الحق: * وَاللَّهُ يَعْلَمُ الْمُفْسِدَ مِنَ الْمُصْلِحِ * لأن الوصي قد يدعي أمام الناس أنه يرعى حق اليتيم، وأنه يقوم بمصالحه ويحترم ماله، لكن الأمر قد يختلف في النية وهو سبحانه لم يكل الأمر إلى ظواهر فهم المجتمع لسلوك الوصي مع اليتيم وعن المخالطة، بل نسب ذلك كله إلى رقابته سبحانه، وذلك حتى يحتاط الإنسان ويعرف أن رقابة الله فوق كل رقابة، ولو شاء الحق لأعنت الأوصياء وجعلهم يعملون لليتيم وحده، ويفصلون بين حياة اليتيم وحياتهم ومعاشهم. وفي ذلك مشقة شديدة على النفس. وحتى نفهم معنى العنت بدقة فلنقرأ قول الحق سبحانه:* لَقَدْ جَآءَكُمْ رَسُولٌ مِّنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَّحِيمٌ *[التوبة: 128]
لقد جاءكم أيها المؤمنون رسول منكم، عربي ومن قريش يبلغكم رسالة الله سبحانه وتعالى. يحرص عليكم كيلا تقعوا في مشقة أو تعيشوا في ضنك الكفر، حريص على أن تكونوا من المهتدين.

فالرسول صلى الله عليه وسلم لم يأتي من جنس الملائكة، ولكن جاء من جنس البشر، فلا يقولن أحد: إنه لا يصلح أسوة لي. إنه نشأ في مكة التي تعيش بها قريش، وتاريخه معروف لقومه: بدليل أنهم خلعوا عليه أول الأوصاف المطلوبة والواجبة للرسالة وهي الأمانة، فالحق جاء به من البشر وليس بغريب عليهم، وبمجرد أن أخبر بالوحي وجد أناسا آمنوا به قبل أن يقرأ قرآنا، وقبل أن يأتيهم بتحدٍ. " فعندما جاءه المَلَكُ جبريلُ عليه السلام في غار حراء، فقال: اقرأ. قال: ما أنا بقارئ. فأخذني فغطني حتى بلغ مني الجهد، [أي ضمني وعصرني، والحكمة فيه شغله عن الالتفات ليكون قلبه حاضراً] ثم أرسلني فقال: اقرأ، قلت: ما أنا بقارئ فأخذني فغطني الثانية حتى بلغ مني الجهد ثم أرسلني وقال: اقرأ. فقلت: ما أنا بقارئ. فأخذني الثالثة فغطني ثم أرسلني فقال: * اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ * خَلَقَ الإِنسَانَ مِنْ عَلَقٍ * اقْرَأْ وَرَبُّكَ الأَكْرَمُ * الَّذِى عَلَّمَ بِالْقَلَمِ * عَلَّمَ الإِنسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ * فرجع بها رسول الله صلى الله عليه وسلم يرجف فؤاده فدخل على خديجة بنت خويلد رضي الله عنها فقال لها: " زملوني. زملوني ". فزملوه حتى ذهب عنه الروع، فقال لخديجة وأخبرها الخبر: " لقد خشيت على نفسي " لكن خديجة رضي الله عنها بحسن استنباطها تقول: " كلا والله لا يخزيك الله أبدا إنك لتصل الرحم وتحمل الكل وتكسب المعدوم وتقري الضيف وتعين على نوائب الحق " ".
إن خديجة رضوان الله عليها تستنبط أن من فيه هذه الخصال إنما هو مهيأ للرسالة.* لَقَدْ جَآءَكُمْ رَسُولٌ مِّنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ *[التوبة: 128]
أي محب لكم يشق عليه ويتعبه ما يشق عليكم ويتعبكم؛ ولذلك كان الرسول صلى الله عليه وسلم مشغولا بأمته. ويروي عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: " أمتي. أمتي. أمتي ". والحق سبحانه وتعالى يعلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مشغول بأمته. " عن عبد الله بن عمرو بن العاص أن النبي صلى الله عليه وسلم تلا قول الله عز وجل في إبراهيم * رَبِّ إِنَّهُنَّ أَضْلَلْنَ كَثِيراً مِّنَ النَّاسِ فَمَن تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي.. * الآية. وقال عيسى عليه السلام: * إِن تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِن تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ * فرفع يديه وقال: اللهم أمتي أمتي وبكى. فقال الله عز وجل: " يا جبريل اذهب إلى محمد وربك أعلم فسله ما يبكيك. فأتاه جبريل عليه الصلاة والسلام فسأله فأخبره رسول الله صلى الله عليه وسلم بما قال وهو أعلم فقال الله: يا جبريل اذهب إلى محمد فقل: إنا سنرضيك في أمتك ولا نسوؤك " ".


إننا عندما نتأمل دقة الجواب النبوي نعرف أن الرسول الكريم مشغول بأمته، ولكنه ينظر إلى نفسه على أنه أخ لكل مؤمن. والأخ قد يتغير على أخيه؛ لذلك لم يشأ الرسول الكريم أن يُخرج أمر المسلمين من يد الله ورحمته وهو الخالق الكريم إلى أمره هو صلى الله عليه وسلم.
إن الرسول يعرف أن الله أرحم بخلقه من أي إنسان، حتى الرسول نفسه. نقول ذلك في معرض حديثنا عن العنت الذي يمكن أن يصاحب الإنسان أن لم يرع حق الله في مال اليتيم؛ لأن الله عزيز حكيم، وهو الحق الذي يغلب ولا يغلبه أحد. ونرى في قول الحق: * إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ * أن صفة العزة متآزرة بصفة الحكمة.
وبعد ذلك يدخل معنا الحق سبحانه وتعالى في مسألة جديدة لو نظرنا إليها لوجدناها أساس أي حركة في الحياة وفي المجتمع، إنها مسألة الزواج. ويريد سبحانه أن يضمن الاستقرار والسعادة للكائن الذين كرمه وجعله خليفة في الأرض، وجعل كل الأجناس مسخرة لخدمته.
إن الحق يريد أن يصدر ذلك الكائن عن ينبوع منهجي واحد؛ لأن الأهواء المتضاربة هي التي تفسد حركة الحياة، فأراد أن يصدر المجموع الإنساني كله عن ينبوع عقدي واحد، وأراد أن يحمي ذلك الينبوع من أن يتعثر بتعدد النزعات والأهواء، لذلك ينبهنا الحق إلى هذا الموقف. إنه سبحانه يريد سلامة الوعاء الذي سيوجد ذلك الإنسان، من بعد الزواج، فبالزواج ينجب الإنسان وتستمر الحياة بالتكاثر. ولذلك لابد من الدقة في اختيار الينبوع الذي يأتي منه النسل. فهو سبحانه يقول: * وَلاَ تَنْكِحُواْ الْمُشْرِكَاتِ حَتَّىا يُؤْمِنَّ وَلأَمَةٌ مُّؤْمِنَةٌ خَيْرٌ مِّن مُّشْرِكَةٍ وَلَوْ أَعْجَبَتْكُمْ
 ... *

الأربعاء، 7 ديسمبر 2011

الحزب الرابع الثمن الرابع

بسم الله الرحمن الرحيم

سورةالبقرة

الحزب الرابع الثمن الرابع



                                        



 وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلاثَةَ قُرُوءٍ وَلا يَحِلُّ لَهُنَّ أَنْ يَكْتُمْنَ مَا خَلَقَ اللَّهُ فِي أَرْحَامِهِنَّ إِنْ كُنَّ يُؤْمِنَّ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذَلِكَ إِنْ أَرَادُوا إِصْلاحًا وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (228) 
والمطلقات ذوات الحيض, يجب أن ينتظرن دون نكاح بعد الطلاق مدة ثلاثة أطهار أو ثلاث حيضات على سبيل العدة; ليتأكدن من فراغ الرحم من الحمل. ولا يجوز لهن تزوج رجل آخر في أثناء هذه العدة حتى تنتهي. ولا يحل لهن أن يخفين ما خلق الله في أرحامهن من الحمل أو الحيض, إن كانت المطلقات مؤمنات حقًا بالله واليوم الآخر. وأزواج المطلقات أحق بمراجعتهن في العدة. وينبغي أن يكون ذلك بقصد الإصلاح والخير, وليس بقصد الإضرار تعذيبًا لهن بتطويل العدة. وللنساء حقوق على الأزواج, مثل التي عليهن, على الوجه المعروف, وللرجال على النساء منزلة زائدة من حسن الصحبة والعشرة بالمعروف والقِوامة على البيت وملك الطلاق. والله عزيز له العزة القاهرة, حكيم يضع كل شيء في موضعه المناسب.
 الطَّلاقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ وَلا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَأْخُذُوا مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئًا إِلا أَنْ يَخَافَا أَلا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلا تَعْتَدُوهَا وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ (229) 
الطلاق الذي تحصل به الرجعة مرتان, واحدة بعد الأخرى, فحكم الله بعد كل طلقة هو إمساك المرأة بالمعروف, وحسن العشرة بعد مراجعتها, أو تخلية سبيلها مع حسن معاملتها بأداء حقوقها, وألا يذكرها مطلقها بسوء. ولا يحل لكم- أيها الأزواج- أن تأخذوا شيئًا مما أعطيتموهن من المهر ونحوه, إلا أن يخاف الزوجان ألا يقوما بالحقوق الزوجية, فحينئذ يعرضان أمرهما على الأولياء, فإن خاف الأولياء عدم إقامة الزوجين حدود الله, فلا حرج على الزوجين فيما تدفعه المرأة للزوج مقابل طلاقها. تلك الأحكام هي حدود الله الفاصلة بين الحلال والحرام, فلا تتجاوزوها, ومن يتجاوز حدود الله تعالى فأولئك هم الظالمون أنفسهم بتعريضها لعذاب الله.
 فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَنْ يَتَرَاجَعَا إِنْ ظَنَّا أَنْ يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ يُبَيِّنُهَا لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ(230) 
فإن طلَّق الرجل زوجته الطلقة الثالثة, فلا تحلُّ له إلا إذا تزوجت رجلا غيره زواجًا صحيحًا وجامعها فيه ويكون الزواج عن رغبة, لا بنية تحليل المرأة لزوجها الأول, فإن طلقها الزوج الآخر أو مات عنها وانقضت عدتها, فلا إثم على المرأة وزوجها الأول أن يتزوجا بعقد جديد, ومهر جديد, إن غلب على ظنهما أن يقيما أحكام الله التي شرعها للزوجين. وتلك أحكام الله المحددة يبينها لقوم يعلمون أحكامه وحدوده; لأنهم المنتفعون بها.



 وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ سَرِّحُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ وَلا تُمْسِكُوهُنَّ ضِرَارًا لِتَعْتَدُوا وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ وَلا تَتَّخِذُوا آيَاتِ اللَّهِ هُزُوًا وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَمَا أَنْزَلَ عَلَيْكُمْ مِنَ الْكِتَابِ وَالْحِكْمَةِ يَعِظُكُمْ بِهِ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (231) 
وإذا طَلَّقتم النساء فقاربن انتهاء عدتهن, فراجعوهن, ونيتكم القيام بحقوقهن على الوجه المستحسن شرعًا وعرفًا, أو اتركوهن حتى تنقضي عدتهن. واحذروا أن تكون مراجعتهن بقصد الإضرار بهن لأجل الاعتداء على حقوقهن. ومن يفعل ذلك فقد ظلم نفسه باستحقاقه العقوبة, ولا تتخذوا آيات الله وأحكامه لعبًا ولهوًا. واذكروا نعمة الله عليكم بالإسلام وتفصيل الأحكام. واذكروا ما أنزل الله عليكم من القرآن والسنة, واشكروا له سبحانه على هذه النعم الجليلة, يُذكِّركم الله بهذا, ويخوفكم من المخالفة, فخافوا الله وراقبوه, واعلموا أن الله عليم بكل شيء, لا يخفى عليه شيء, وسيجازي كلا بما يستحق.
 وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلا تَعْضُلُوهُنَّ أَنْ يَنْكِحْنَ أَزْوَاجَهُنَّ إِذَا تَرَاضَوْا بَيْنَهُمْ بِالْمَعْرُوفِ ذَلِكَ يُوعَظُ بِهِ مَنْ كَانَ مِنْكُمْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكُمْ أَزْكَى لَكُمْ وَأَطْهَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ (232) 
واذا طلَّقتم نساءكم دون الثلاث وانتهت عدتهن من غير مراجعة لهن, فلا تضيقوا -أيها الأولياء- على المطلقات بمنعهن من العودة إلى أزواجهن بعقد جديد إذا أردن ذلك, وحدث التراضي شرعًا وعرفًا. ذلك يوعظ به من كان منكم صادق الإيمان بالله واليوم الآخر. إن تَرْكَ العضل وتمكين الأزواج من نكاح زوجاتهم أكثر نماء وطهارة لأعراضكم, وأعظم منفعة وثوابًا لكم. والله يعلم ما فيه صلاحكم وأنتم لا تعلمون ذلك.