آية الأسبوع

آية الأسبوع:

{كِتَابٌ أَنْـزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الأَلْبَابِ} سورة ص آية 29

حديث شريف

حديث نبوي شريف:

عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله تعالى يتلون كتاب الله ويتدارسونه بينهم إلا نزلت عليهم السكينة وغشيتهم الرحمة وحفتهم الملائكة وذكرهم الله فيمن عنده.


دعاء الأسبوع

دعاء الأسبوع:

اللهم اجعل القرآن العظيم ربيع قلوبنا ونور صدورنا وجلاء أحزاننا وذهاب همومنا وذنوبنا اللهم اجعلنا من الذين يتلونه آناء الليل وأطراف النهار اللهم اجعله حجتاً لنا لا علينا اللهم اجعله شافعا لنا يوم القيامة

مقتطفات من مقالات الموقع

بعد غياب دام لشهور استوجبته بعض الظروف الشخصية و حاجة للوقوف مع النفس و للتأمل في أهداف الموقع و الطموح للتجديد في محتواه، يسرني أن أعلمكم بإذن الله باستئناف نشر المقالات و الدروس الهادفة، و انطلاق سلسلة أحكام تجويد القرآن الكريم المدرجة بعنوان "و رتل القرآن ترتيلا"، نسأل الله تعالى التوفيق و السداد لما فيه خير و أن يتقبل منا و منكم صالح الأعمال و يجعلنا من أهل القرآن.

الأحد، 26 أغسطس 2012

أدعية مأثورة عن النبي صلى الله عليه و سلم 2


دعوات جامعة 

 عن أنس بن مالك رضي الله عنه، قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم يقول: ( اللهم إني أعوذ بك من العجز والكسل والجبن والهرم والبخل، وأعوذ بك من عذاب القبر ومن فتنة المحيا والممات ) رواه مسلم .

  وعن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يدعو بهؤلاء الدعوات: ( اللهم إني أعوذ بك من فتنة النار، وعذاب النار، وفتنة القبر وعذاب القبر، ومن شر فتنة الغنى، ومن شر فتنة الفقر، وأعوذ بك من شر فتنة المسيح الدجال، اللهم اغسل خطاياي بماء الثلج والبرد، ونق قلبي من الخطايا كما نقيت الثوب الأبيض من الدنس، وباعد بيني وبين خطاياي كما باعدت بين المشرق والمغرب، اللهم إني أعوذ بك من الكسل والهرم والمأثم والمغرم ) رواه البخاري ومسلم 

 عن أبي هريرة رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم: ( كان يتعوذ من سوء القضاء، ومن درك الشقاء، ومن شماتة الأعداء، ومن جهد البلاء ) رواه مسلم .

 عن عائشة رضي الله عنها قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يقول: (اللهم أعوذ برضاك من سخطك، وبمعافاتك من عقوبتك، وأعوذ بك منك لا أحصي ثناء عليك أنت كما أثنيت على نفسك )رواه البخاري .

 عن أنس بن مالك رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يدعو بهذه الدعوات: ( اللهم إني أعوذ بك من علم لا ينفع، وقلب لا يخشع، ودعاء لا يسمع، ونفس لا تشبع، ثم يقول: اللهم إني أعوذ بك من هؤلاء الأربع ) رواه النسائي وقال الشيخ الألباني: صحيح.

 عن أبي بكرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( دعوات المكروب اللهم رحمتك أرجو فلا تكلني إلى نفسي طرفة عين، وأصلح لي شأني كله لا إله إلا أنت ) رواهأبو داود .


عن أنس بن مالك رضي الله عنه، قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم يقول: ( اللهم {ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار } ) رواه البخاري .


 عن عائشة رضي الله عنها: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم علمها هذا الدعاء: (اللهم إني أسألك من الخير كله عاجله وآجله ما علمتُ منه وما لم أعلم، وأعوذ بك من الشر كله عاجله وآجله ما علمتُ منه وما لم أعلم، اللهم إني أسألك من خير ما سألك عبدك ونبيك، وأعوذ بك من شر ما عاذ به عبدك ونبيك، اللهم إني أسألك الجنة وما قرب إليها من قول أو عمل، وأعوذ بك من النار وما قرب إليها من قول أو عمل، وأسألك أن تجعل كل قضاء قضيته لي خيرا ) رواه ابن ماجة .

 عن عمّار بن ياسر رضي الله عنه، قال: دعوات سمعتهن من رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( اللهم بعلمك الغيب وقدرتك على الخلق أحيني ما علمتَ الحياة خيرا لي، وتوفني إذا علمت الوفاة خيرا لي، اللهم وأسألك خشيتك في الغيب والشهادة، وأسألك كلمة الحق في الرضا والغضب، وأسألك القصد في الفقر والغنى، وأسألك نعيما لا ينفد، وأسألك قرة عين لا تنقطع، وأسألك الرضاء بعد القضاء، وأسألك برد العيش بعد الموت، وأسألك لذة النظر إلى وجهك والشوق إلى لقائك في غير ضراء مضرة ولا فتنة مضلة، اللهم زينا بزينة الإيمان، واجعلنا هداة مهتدين ) رواه النسائي .

السبت، 18 أغسطس 2012

أدعية مأثورة عن النبي صلى الله عليه و سلم 1

بين يديك - أخي الكريم - جملة من الدعاء المأثور الثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم والوارد عن السلف الصالح، لتجتهد في هذا الشهر الكريم، ولا سيما وقد ثبت في مسند الإمامأحمد وسنن الترمذي عن أبي هريرة - رضي الله عنه – أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (ثلاثة لا ترد دعوتهم: الإمام العادل، والصائم حتى يفطر، ودعوة المظلوم .. ). فاحرص على الاجتهاد في الدعاء فلعل الله أن يتقبل منك دعوة تكون فيها نجاتك في الدنيا والآخرة.

دعاء رؤية هلال رمضان

عن طلحة بن عبيد الله رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم: كان إذا رأى الهلال، قال: ( اللهم أهله علينا باليُمن والإيمان والسلامة والإسلام ربي وربك الله ) رواه أحمد والترمذي .

وعن عبد العزيز بن أبي رواد قال: " كان المسلمون يدعون عند حضرة شهر رمضان: اللهم أظلَّ شهر رمضان وحضر فسلمه لي وسلمني فيه، وتسلمه مني. اللهم ارزقني صيامه وقيامه صبرا واحتسابا، وارزقني فيه الجدَّ والاجتهاد والقوة والنشاط، وأعذني فيه من السآمة والفترة والكسل والنعاس، ووفقني فيه لليلة القدر واجعلها خيرا لي من ألف شهر "رواه الطبراني في الدعاء.

دعاء الصائم عند الإفطار 
والدعاء في وقت الإفطار من أوقات الإجابة، كما روى ابن ماجة في سننه عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنه، قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: ( إن للصائم عند فطره دعوة ما ترد ) وفي إسناده ضعف.

وكان من هديه صلى الله عليه وسلم أن يقول عند فطره: ( ذهب الظمأ وابتلت العروق وثبت الأجر إن شاء الله ) رواه أبو داود والنسائي والدارقطني وحسنه .

وكان ابن عمرو رضي الله عنه إذا أفطر يقول: " اللهم إني أسألك برحمتك التي وسعت كل شيء أن تغفر لي ذنوبي " رواه ابن ماجة وصحح إسناده الكناني في مصباح الزجاجة .

وكان الربيع بن خثيم يقول عند فطره: " الحمد لله الذي أعانني فصمتُ ورزقني فأفطرتُ " رواه ابن فضيل في الدعاء.

دعاء من أفطر عند قوم 
عن أنس بن مالك رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا أفطر عند أهل بيت قال لهم: ( أفطر عندكم الصائمون، وغشيتكم الرحمة، وأكل طعامكم الأبرار، وتنزلت عليكم الملائكة ) رواه أحمد .

دعاء ليلة القدر 
عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها أنها سألت النبي صلى الله عليه وسلم: يا رسول الله أرأيتَ إن علمتُ أي ليلةٍ ليلة القدر ما أقول فيها ؟ قال قولي: ( اللهم إنك عفو كريم تحب العفو فاعف عني ) رواه الترمذي وقال هذا حديث حسن صحيح.

قال العلماء: ومعنى العفو الترك ويكون بمعنى الستر والتغطية، فمعنى اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عني. أي: اترك مؤاخذتي بجرمي، واستر على ذنبي، وأذهب عني عذابك، واصرف عني عقابك.

دعاء صلاة القيام 

عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا تهجَّد من الليل قال: (اللهم ربنا لك الحمد أنت قيّم السماوات والأرض ولك الحمد، أنت رب السماوات والأرض ومن فيهن ولك الحمد، أنت نور السماوات والأرض ومن فيهن، أنت الحق، وقولك الحق، ووعدك الحق، ولقاؤك الحق، والجنة حق، والنار حق، والساعة حق، اللهم: لك أسلمت وبك آمنت وعليك توكلت وإليك خاصمت وبك حاكمت، فاغفر لي: ما قدمتٌّ وما أخرتٌّ وأسررتٌّ وأعلنتٌّ، وما أنت أعلم به مني، لا إله إلا أنت ) رواه البخاري .

الدعاء هو العبادة

الدعاء هو العبادة
سعيد سعد آل حماد
صيد الفوائد


أنت أيها المريض الذي أقعدك المرض وأتعبك وأسهر ليلك وأشقى نهارك وصرفت فيه أكثر مالك وما تركت عيادة ولا مستشفى .

وأنت يا من أصبت بمرض خطير ومميت يئست بعده من السلامة وأحسست بالعطب وتيقنت مفارقة الدنيا ومغادرة الأحبة وأنك ذاهب إلى قبر موحش ودود يأكل الجسد ويهري اللحم ويفتت العظم ثم تظل تتذكر الحساب والجزاء والجنة والنار بعد هذا !! هل تريد الشفاء ؟

أما أنت فيا من أثقلت الديون كاهله وأشغلت باله وأربكت حسابه أتريد التخلص من هذه الديون فاسمع معنا إلى الحل.

وأنت أيها الفقير الذي أجاع بطنه وأرهق عياله وبسط يده يستجدي الناس أعطوه أو منعوه . وغرق في الديون من أجل إزاحة هذا الكابوس عنه . هل تتمنى الخلاص وتحصل على الرزق والخير .

ويا مظلوما قد ظلم وهضم حقه فهو لا يمسي الليل قد تحطمت نفسيته وضعفت معنوياته هل تريد نصر الله ورفع الظلم عنك إليك الطريقة المناسبة

وأنت يا من كان عقيماً ولم تحمل زوجته وهو يتمنى الولد, وواجه هو وزوجته الإحراج من الناس الذي يتطفلون على أخباره أو الأحبة الذين يستبشرون له أو غيرهم وهو يرضى بأن يقر الله عينه بولد أو بنت,وقد طرق أبواب العلاج فما حضر طبيب من الخارج متخصص إلا وذهب إليه وما سمع بأن إنساناً رزق ولداً بعد عناء إلا وسأله ماذا صنعت ؟ وإلى أي طبيب ذهبت ؟ وأضر زوجته وأتعبها بالعقاقير ولا نتيجة , وقد سافر إلى الخارج ولم يجد حلاً , وهو يشتهي الولد يربيه على طاعة الله ورضوانه إن كنت تريد الولد فاحضر قلبك وأسمع.

وأنت يا أيها الطالب الذي يتخوف في دراسته ويخاف من عدم النجاح أو من ضعف معدله الدراسي. فتفكر فيه أيها الطالب الحريص على التفوق و النجاح واعلم أن أمرك كله وتوفيقك بيد الله .

وأنت أيها الأب الذي يرجو صلاح أبنائه وتفوقهم في الدنيا والآخرة , ويخشى عليهم من الانحراف و الضلال و مجالسة الأشرار , و يتمنى أن يرفعوا رأسه و ينفعوا أباهم و مجتمعهم و أمتهم.

و يا أخي الذي ارتكب معصية تكاد أن تهلك دينه و دنياه , و كلما أراد الخلاص منها ازداد لها توقّداً و تعلقاً

و يا أيها الآخر الذي تلاعب به الشيطان ففتح له باب العجب أو الكبر و أو الوساوس أو الحسد للمنعم عليهم أو الحقد على الأخوان و الأحبة و الخلان.

وأنت يا من وجد عنده اكتئاب وغمّ وهمّ وأراد الخلاص منه أتريد الجواب ؟!. هناك حلول كثيرة ومنها ما هو أعظمها شأناً وأشدها أثراً في هذا الأمر أتدرون ما هو ؟

إنه الدعاء أن ترفع يدين طاهرتين إلى رب كريم تسأله سؤال تضرع وذل ومسكنه وحاجة وافتقار إلى صاحب الجود و الإنعام و الرحمة و الإحسان , تدعوه متأدباً بآداب الدعاء فان هذا الدعاء لا يرد بإذن الله أبداً أيها العبد الفقير المسكين ارفع يديك وادع الله فإذا دعوته سيستجيب لك فإن الله جعل على نفسه حقاً أنك إذا دعوته ورجوته أن يستجيب لك مباشرة " وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ (60)غافر وقال " وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ (186) البقرة

فالدعاء دال على قرب صاحبه من الله فيسأله مسألة القريب للقريب لا نداء البعيد للبعيد .

فو الذي برأ النسمة وفلق الحبة ما تدعو الله بشيء ملتزماً بآداب الدعاء إلا واستجاب الله لك بأحد طرق الاستجابة المعروفة فاحمل همّ الدعاء و لا تحمل همّ الإجابة ولو دعوت البشر فإنهم يغضبون وعليك يتكبرون و لك لا يستجيبون فلا تفر إليهم مهما كانوا أطباء أو موظفين أو أصحاب مالٍ وجاه لأن بني آدم إذا سألتهم يغضبون وعليك ينقلبون ولك يهينون .

وفي بعض الإسرائيليات يقول الله : أيؤمل غيري للشدائد والشدائد بيدي وأنا الحي القيوم ويرجى غيري ويطرق بابه بالبكرات وبيدي مفاتيح الخزائن وبابي مفتوح عند دعائي. من ذا الذي أحلت به بنائبة فقطعت به أو من ذا الذي رجاني لعظيم فقطعت به أو من ذا الذي طرق بابي فلم أفتحه له أنا غاية الآمال كيف تنقطع الآمال دوني أبخيل أنا فيبخلني عبدي ؟ أليس الدنيا والآخرة والكرم والفضل كله لي ؟ فيا بؤساً للقانطين من رحمتي ويا بؤساً لمن عصاني وتوثب على محارمي .

وقال وهب بن منبه لرجل كان يأتي الملوك : تأتي من يغلق عنك بابه ويظهر لك فقره ويواري عنك غناه وتدع من يفتح لك بابه نصف الليل ونصف النهار ويظهر لك غناه ويقول ادعني استجب لك ؟

يا عبد الله إنك إذا رفعت يدك استحي الجبار تبارك وتعالى و صاحب الملك و الملكوت و العزة و الجبروت يستحيي منك أن يرد يديك صفراً " فعن سلمان الفارسي رضي الله عنه قال:قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " إن ربكم تبارك وتعالى حيي كريم يستحي من عبده إذا رفع يديه إليه أن يردهما صفرا" رواه أبو داود

فهل سمعت بملك من ملوك الدنيا يستحيي من العامة وأما الله الخالق الباري المصور

يستحيي في عليائه من عبده وهذا غاية الكرم و الجود منه سبحانه. الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله يستحي الله منك أيها العبد ثم يجيب سؤالك

أيها العبد الضعيف لا تحمل همّ الإجابة ولكن احمل همّ الدعاء, ادع وتيقن الإجابة واعلم بالفرج. فإنك تدعو من بيده ملكوت السماوات والأرض أجود الأجودين وأكرم الأكرمين أعطى عبده قبل أن يسأله فوق ما يؤمله يشكر القليل من العمل وينميه ويغفر الكثير من الزلل ويمحوه يسأله من في السماوات والأرض كل يوم هو في شأن لا يشغله سمع عن سمع ولا تغلطه كثر المسائل ولا يتبرم بإلحاح الملحين بل يحب الملحين في الدعاء ويحب أن يسأل ويغضب إذا لم يسأل يستحي من عبده.

الدعاء عبادة سهلة ميسورة مطلقة غير مقيدة أصلاً بزمان و لا مكان ولا حال فهي الليل و النهار و في البر و البحر و الجو , والسفر و الحضر, وحال الغنى و الفقر , و المرض والصحة , والسر و العلانية , وكم من بلاء ردّ بسبب الدعاء وكم من مصيبة كشفها الله بالدعاء و كم من ذنب و معصية غفرها الله بالدعاء , وكم من رحمة و نعمة استجلبت بسبب الدعاء و كم من عز ونصر و تمكين ورفع درجات في الدنيا و الآخرة حصل بالدعاء. 

الأحد، 12 أغسطس 2012

فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ


أعوذ بالله من الشيطان الرجيم


أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا أَوْ آذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُور ﴿46
صدق الله العظيم

سورة الحج آية 46

خواطر الشيخ الشعراوي رحمه الله حول الآية

السَّيْر: قَطْع مسافات من مكان إلى آخر، ويسمونه السياحة، والحق سبحانه يدعو عباده إلى السياحة في أنحاء الأرض؛ لأن للسياحة فائدتين:

فإما أنْ تكون سياحة استثمارية لاستنباط الرزق إنْ كنتَ في مكان يضيق بك العيش فيه، كهؤلاء الذين يسافرون للبلاد الأخرى للعمل وطلب الرزق.
وإما أن تكون سياحة لأَخْذ العبرة والتأمل في مخلوقات الله في مُلْكه الواسع ليستدل بخَلْق الله وآياته على قدرته تعالى.
والسياحة في البلاد المختلفة تتيح لك فرصة ملاحظة الاختلافات من بيئة لأخرى، فهذه حارة وهذه باردة، وهذه صحراء جرداء وهذه خضراء لا يوجد بها حبة رمل، لذلك يخاطبنا ربنا تبارك وتعالى:* قُلْ سِيرُواْ فِي الأَرْضِ ثُمَّ انْظُرُواْ.. *[الأنعام:11]

الجمعة، 10 أغسطس 2012

خاطرة من القلب إلى القلب من أحمد الشقيري


قــلـبـي

قلبي....اسمع منى هذا الكلام بصدر رحب فوالله لا أقوله إلا لمحبتي لك...ولا أقوله إلا وأنا أعلم أنك أنت سر سعادتي وسر تعاستي....أنت سر صلاحي وسر فسادي....أنت سر قربي من الله وسر بعدي...فاسمع مني عسى أن ينفعني وينفعك هذا الكلام.

والله لقد أتعبتني بكثرة تقلبك....يوم أراك تسرح مع الملائكة في روحانية وصفاء في أعلى عليين...ويوم أراك تسرح مع الشياطين في فجور وشقاء في أسفل سافلين....

قلبي....أعلم أني أذنبت كثيرا وأن كل ذنب نكت نكتة سوداء فيك كانت سببا في غفلتك....ولكن ألا من طريق لمحو هذا السواد ؟......تقول لي تب إلى الله...أقول لك ، تبت ثم تبت ثم تبت...ولكن ما زال للذنب أثر فيك لا يريد أن يزول....ما زال للماضي حيز بداخلك لا يريد أن يرحل....فما هو الحل...كيف لي أن أطرد منك آثار كل ذنب أليم وكل ماض مظلم ؟؟

قلبي....مالك تنظر إلى الدنيا في كل عمل أقوم به ؟؟..لا أكاد أقوم بعمل إلا ولمتاع الدنيا حظ فيه حتى بت أشك أني عملت عملا خالصا لوجه الله قط منذ أن خلقت !!...أنقذني...ألا تعلم أن الرياء وحب الدنيا أسباب لجعل كل حسناتي هباء منثورا ؟؟؟...

قلبي...أهلكتني بكثرة نظرك إلى المخلوقات وغفلتك عن الخالق....ألا تهديني عملا واحدا فقط تكون فيه متجها لله وحده..ا عمل واحد فقط لا يهمك فيه مخلوق...لا يهمك ثناء أحد....ولكن فقط تنظر فيه إلى الله وحده ؟؟...والله إن لم تجبني لهذا الطلب لأهلكن أنا وأنت في يوم لا ينظر الله فيه إلى أشكالنا ولا إلى أعمالنا ولكن إلى القلوب التي وراء تلك الأعمال....سينظر إليك يا قلبي فيرى أن وراء كل عمل عملته مصلحة دنيوية....فوالله إن ذلك لهو الشقاء الأبدي ينتظرنا إن لم نعقد صلحا نصلح فيه هذا الوضع المعوج...

قلبي...أحلم أن أطرد الدنيا منك...ولكن كيف وقد ملأت كل جوانبك وأركانك....كيف والدنيا ومتاعها أصبحت غذاؤك وشرابك.....كيف لي أن أطرد الدنيا منك ؟؟؟دلني فقد ضللت الطريق وما عدت أعرف طعما لشيء...دلني فقد افتقدت إلى لحظات تكون فيها يا قلبي خاليا إلا من الله !!...دلني فقد أرهقتني الدنيا وأرهقني الاهتمام بها....دلني فقد اشتقت إلى زيارة الله لك....

قلبي...أعدك إن أنت أخلصت لله لأذيقنك نعيما لم تنعم به قط....
قلبي...أعدك إن أنت أحببت الله ، لأرينك متعا لم تحلم بها قط...
قلبي...اعدك إن أنت أخرجت الدنيا منك ، لآتين بالدنيا راغمة تحت قدميك....
قلبي...أعدك وأعدك وأعدك....فإن لم تثق بكلامي فثق بكلام الله الذي خلقني وخلقك...ووعده الحق سبحانه...

قلبي أهديك هذا الدعاء عسى الله أن يصلح ما بيننا من جفاء...
اللهم اهد قلبي إلى حبك وحب رسولك....الله اجعل الدنيا في يدي ولا تجعلها في قلبي...اللهم استودعتك قلبي..اللهم أصلح قلبي...اللهم طهر قلبي....اللهم قوم قلبي...اللهم نق قلبي من الذنوب والخطايا كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس...

(إن في الجسد لمضغة إذا صلحت صلح الجسد كله وإذا فسدت فسد الجسد كله..ألا وهي القلب)

أحمد الشقيري
Image du profil 

الثلاثاء، 7 أغسطس 2012

وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ وَلَا نَبِيٍّ إِلَّا إِذَا تَمَنَّى أَلْقَى الشَّيْطَانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ


أعوذ بالله من الشيطان الرجيم
وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ وَلَا نَبِيٍّ إِلَّا إِذَا تَمَنَّى أَلْقَى الشَّيْطَانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ فَيَنْسَخُ اللَّهُ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ ثُمَّ يُحْكِمُ اللَّهُ آيَاتِهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيم (52)
صدق الله العظيم



سورة الحج آية 52

خواطر الشيخ الشعراوي رحمه الله حول الآية -2  


كما قال تعالى:* قُلْ إِنَّمَآ أَعِظُكُمْ بِوَاحِدَةٍ أَن تَقُومُواْ لِلَّهِ مَثْنَىا وَفُرَادَىا ثُمَّ تَتَفَكَّرُواْ مَا
 بِصَاحِبِكُمْ مِّن جِنَّةٍ.. *[سبأ: 46].
أما أنْ تناقش قضية، وفي ذهْنك فكرة مُسبقة، فأنت كهؤلاء الذين قال الله فيهم:* وَمِنْهُمْ مَّن يَسْتَمِعُ إِلَيْكَ حَتَّىا إِذَا خَرَجُواْ مِنْ عِندِكَ قَالُواْ لِلَّذِينَ أُوتُواْ الْعِلْمَ مَاذَا قَالَ آنِفاً.. *[محمد: 16] يعني: ما الجديد الذي جاء به، وما المعجزة في هذا الكلام؟ فيأتي الرد:* أُوْلَـائِكَ الَّذِينَ طَبَعَ اللَّهُ عَلَىا قُلُوبِهِمْ وَاتَّبَعُواْ أَهْوَآءَهُمْ * وَالَّذِينَ اهْتَدَوْاْ زَادَهُمْ هُدًى وَآتَاهُمْ تَقُوَاهُمْ *[محمد: 16 - 17].
وفي آية أخرى يقول الحق سبحانه عن القرآن:* قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُواْ هُدًى وَشِفَآءٌ وَالَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ فِي آذَانِهِمْ وَقْرٌ وَهُوَ عَلَيْهِمْ عَمًى.. *[فصلت: 44].
فالقرآن واحد، لكن المستقبل مختلف، وقد ذكرنا أنك حين تريد أن تبرد كوب الشاي الساخن فإنك تنفخ فيه، وكذلك إنْ أردتَ أنْ تُدفِئ يديك في برد الشتاء فإنك أيضاً تنفخ فيها، كيف - إذن - والفاعل واحد؟ نعم، الفاعل واحد، لكن المستقبل للفعل مختلف.
وقوله تعالى: * مِن قَبْلِكَ مِن رَّسُولٍ وَلاَ نَبِيٍّ * [الحج: 52].

(من) هنا للدلالة على العموم وشمول كل الأنبياء والرسل السابقين، فكل نبي أو رسول يتمنى يعني: يودّ ويحب ويرغب أن ينتشر دينه ويُطبِّق منهجه، ويؤمن به جميع قومه، لكن هيهات أنْ يتركه الشيطان وما أحبَّ، بل لا بُدَّ أنْ يقف له بطريق دعوته ليصدَّ الناس عنه ويصرفهم عن دعوته ومنهجه، لكن في النهاية ينصر الله رسُله وأنبياءه، وينسخ عقبات الشيطان التي ألقاها في طريق الدعوة، ثم يُحكِم الله آياته، ويؤكدها ويظهرها، فتصير مُحْكَمة لا ينكرها أحد.
وساعةَ تسمع كلمة * أَلْقَى * [الحج: 52] فاعلم أن بعدها عقبات وشروراً، كما يقول تعالى:* وَأَلْقَيْنَا بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَآءَ إِلَىا يَوْمِ الْقِيَامَةِ *[المائدة: 64].
ومما قاله أصحاب الرأي الأول في تفسير * تَمَنَّى * [الحج: 52] وأنها بمعنى قرأ: يقولون: إن الله تعالى يُنزِل على رسوله صلى الله عليه وسلم أشياء تُثبت بشريته، ثم يمحو الله آثار هذه البشرية ليبين أن الله صنعه على عينه، حتى إنْ همَّتْ بشريته بشيء يعصمه الله منها.
لذلك يقول صلى الله عليه وسلم: " يَرِدُ عليَّ فأقول: أنا لست كأحدكم، ويُؤخذ مِنِّي فأقول: ما أنا إلا بشر مثلكم ".
إذن: فالرسول بشر إلا أنه يوحى إليه ما يعصمه من زلاَّت البشر.
ومن بشريته صلى الله عليه وسلم أنه تعرّض للسحر، وهذه واقعة لا تُنكر، وقد ورد فيها أحاديث صحيحة، وقد كاد الكفار لرسول الله بكل أنواع الكيد: استهزاءٌ، وسباباً، واضطهاداً، وإهانة، ثم تآمروا عليه بليل ليقتلوه، وبيَّتوا له، فلم يفلحوا قال تعالى:* وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُواْ لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ *[الأنفال: 30].
وكاد الله لرسوله وأخرجه من بينهم سالماً، وهكذا فضح الله تبييتهم وخيّب سَعْيهم، وفشلَتْ محاولاتهم الجهرية والسرية فلجئوا إلى السحرة ليفعلوا برسول الله ما عجزوا هم عنه، وعملوا لرسول الله سحراً في مُشْطٍ ومُشَاطة من شعره صلى الله عليه وسلم وطلع نخلة ذكر ففضحهم الله، وأخبر رسوله بذلك فأرسل الإمام علياً فأتى به من بئر ذروان.
وكأن الحق سبحانه يريد أنْ يُبيِّن لنا بشرية الرسول، وأنه يجري عليه ما يجري على البشر، لكن ربه لا يترك بشريته وحدها، وإنما يعصمه بقيوميته.
وهذا المعنى هو ما قصده أصحاب الرأي الأول: أن الرسول يطرأ عليه ما يطرأ على البشر العادي، لكن تتدخّل السماء لتعصمه ونحن نختار الرأي الآخر الذي يقول أن تمنى بمعنى ودَّ وأحب.
ثم تختتم الآية بقوله تعالى: * وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ * [الحج: 52] عليم بكيد الشيطان، وتدبيره، حكيم في علاج هذا الكيد.







الأحد، 5 أغسطس 2012

وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ وَلَا نَبِيٍّ إِلَّا إِذَا تَمَنَّى أَلْقَى الشَّيْطَانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم
وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ وَلَا نَبِيٍّ إِلَّا إِذَا تَمَنَّى أَلْقَى الشَّيْطَانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ فَيَنْسَخُ اللَّهُ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ ثُمَّ يُحْكِمُ اللَّهُ آيَاتِهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (52)
صدق الله العظيم


سورة الحج آية  52


خواطر الشيخ الشعراوي رحمه الله حول الآية -1


أثارت هذه الآية جَدلاً طويلاً بين العلماء، ودخل فيه كثير من الحشْو والإسرائيليات، خاصة حول معنى * تَمَنَّى * [الحج: 52] وهي تَرد في اللغة بمعنيين، وما دام اللفظ يحتمل معنيين فليس أحدهما أَوَْلَى من الآخر إلا بمدى استعماله وشيوعه بين جمهور العربية، ويأتي التمني في اللغة بمعنى القراءة، كما ورد في قول حسان بن ثابت في رثاء عثمان بن عفان رضي الله عنهما:تمنَّى كِتابَ الله أوَّلَ لَيْلةٍ وآخِرَهَا وَافَاهُ حَتْم المقَادِرِيعني: قُتِل عثمان وهو يقرأ القرآن، وهذا المعنى غريب في حمَلْ القرآن عليه لعدم شيوعه.
وتأتي تمنى بمعنى: أحب أن يكون الشيء، وهذا هو القول المشهور في لغة العرب. أما بمعنى قرأ فهو غير شائع، ويُردّ هذا القول، وينقضه نَقْضاً أولياً مبدئياً قوله تعالى: * وَمَآ أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رَّسُولٍ وَلاَ نَبِيٍّ.. * [الحج: 52].
ومعلوم أن الرسول ينزل عليه كتاب يمكن أن يقرأه، أمّا النبي فلا ينزل عليه كتاب، بل يعمل بشرع مَنْ سبقه من الرسل. إذن: فما دام الرسول والنبي مشتركْين في إلقاء الشيطان، فلا بُدَّ أن تكون الأمنية هنا بمعنى: أحب أن يكون الشيء، لا بمعنى قرأ، فأيُّ شيء سيقرأ النبي وَليس معه كتاب؟
والذين فهموا التمني في قوله تعالى: * وَمَآ أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رَّسُولٍ وَلاَ نَبِيٍّ إِلاَّ إِذَا تَمَنَّىا أَلْقَى الشَّيْطَانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ * [الحج: 52] أنه بمعنى: قرأ، سواء أكانوا من العلماء المتعمِّقين أو السطحيين، قالوا: المعنى إذا قرأ رسولُ الله القرآنَ تدخّل الشيطان في القراءة، حتى يُدخِل فيها ما ليس منها.
وذكروا دليلاً على ذلك في قوله تعالى:* أَفَرَأَيْتُمُ اللاَّتَ وَالْعُزَّىا * وَمَنَاةَ الثَّالِثَةَ الأُخْرَىا *[النجم: 19 -20] ثم أضافوا: والغرانيق العلا، وإن شفاعتهن لترتجى. وكأن الشيطان أدخل في القرآن هذا الكلام، ثم نسخه الله بعد ذلك، وأحكم الله آياته.
لكن هذا القول يُشكِّك في قضية القرآن، وكيف نقول به بعد أن قال تعالى في القرآن:* نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الأَمِينُ * عَلَىا قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ *[الشعراء: 193 - 194].
وقال:* وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنَا بَعْضَ الأَقَاوِيلِ * لأَخَذْنَا مِنْهُ بِالْيَمِينِ * ثُمَّ لَقَطَعْنَا مِنْهُ الْوَتِينَ * فَمَا مِنكُمْ مِّنْ أَحَدٍ عَنْهُ حَاجِزِينَ *[الحاقة: 44 - 47].
إذن: الحق سبحانه وتعالى حفظ قرآنه وكلامه من أمثال هذا العبث، وكيف نُدخِل في القرآن هذه الكفريات؟ وكيف تستقيم عبارتهم: والغرانيق العلا، وإن شفاعتهن لترتجى مع قول الله تعالى:* أَفَرَأَيْتُمُ اللاَّتَ وَالْعُزَّىا * وَمَنَاةَ الثَّالِثَةَ الأُخْرَىا * أَلَكُمُ الذَّكَرُ وَلَهُ الأُنْثَىا * تِلْكَ إِذاً قِسْمَةٌ ضِيزَىا *[النجم: 19 - 22] كيف ينسجم هذا وذاك؟
فهذا الفهم في تفسير الآية لا يستقيم، ولا يمكن للشيطان أنْ يُدخِل في القرآن ما ليس منه، لكن يحتمل تدخُّل الشيطان على وجه آخر: فحين يقرأ رسول الله القرآن، وفيه هداية للناس، وفيه مواعظ وأحكام ومعجزات، أتنتظر من عدو الله أنْ يُخلِي الجو للناس حتى يسمعوا هذا الكلام دون أنْ يُشوِّش عليهم، ويُبلبل أفكارهم، ويَحُول بينهم وبين سماعه؟
فإذا تمنّى الرسول يعني: قرأ ألقى الشيطان في أُمنيته، وسلَّط أتباعه من البشر يقولون في القرآن: سِحْر وشِعْر وإفْك وأساطير الأولين: فدَوْر الشيطان - إذن - لا أنْ يُدخِلَ في كلام الله ما ليس منه، فهذا أمر لا يقدر عليه ولا يُمكِّنه الله من كتابه أبداً، إنما يمكن أنْ يُلقِي في طريق القرآن وفَهْمه والتأثر به العقبات والعراقيل التي تصدُّ الناس عن فَهْمه والتأثر به، وتُفسِد القرآن في نظر مَنْ يريد أن يؤمن به.


لكن، هل محاولة تشويه القرآن هذه وصَدّ الناس عنه جاءت بنتيجة، وصرفتْ الناس فعلاَ عن كتاب الله؟
لقد خيَّبَ الله سَعيْه، ولم تقف محاولاته عقبة في سبيل الإيمان بالقرآن والتأثر به؛ لأن القرآن وجد قلوباً وآذاناً استمعتْ وتأملتْ فآمنت وانهارتْ لجلاله وعظمته وخضعتْ لأسلوبه وبلاغته، فآمنوا به واحداً بعد الآخر.
ثم يقول تعالى: * فَيَنسَخُ اللَّهُ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ ثُمَّ يُحْكِمُ اللَّهُ آيَاتِهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ * [الحج: 52] يعني: ألغى وأبطل ما ألقاه الشيطان من الأباطيل والعقبات التي أراد بها أنْ يصدَّ الناس عن القرآن، وأحكمَ الله آياته، وأوضح أنها منه سبحانه، وأنه كلام الله المعْجز الذي لو اجتمعتْ الإنس والجنُّ على أنْ يأتوا بمثله ما استطاعوا إلى ذلك سبيلاً.
هذا على قول مَنِ اعتبر أن * تَمَنَّى * [الحج: 52 ] بمعنى: قرأ.
أما على معنى أنها الشيء المحبوب الذي نتمناه، فنقول: الرسول الذي أرسله الله تعالى بمنهج الحق إلى الخَلْق، فإنْ كان قادراً على تطبيق المنهج في نفسه فإنَّ أُمنيته أنْ يُصدَّق وأنْ يُطاع فيما جاء به، أمنيته أنْ يسود َمنهجه ويُسيطر ويسُوس به حركة الحياة في الناس.
والنبي أو الرسول هو أَوْلى الناس بقومه، وهو أحرصهم على نَفْعهم وهدايتهم، والقرآن خير يحب للناس أن يأخذوا به عملاً بقوله صلى الله عليه وسلم: " لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه ". 
لكن، هل يترك الشيطان لرسول الله أنْ تتحقق أُمنيته في قومه أَمْ يضع في طريقه العقبات، ويُحرِّك ضده النفوس، فيتمرّد عليه قومه حيث يُذكِّرهم الشيطان بما كان لهم من سيادة ومكانة سيفقدونها بالإسلام؟
وهكذا يُلْقي الشيطان في أُمنية الرسول * إِلاَّ إِذَا تَمَنَّىا أَلْقَى الشَّيْطَانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ * [الحج: 52] وما كان الشيطان ليدع القرآن ينفذ إلى قلوب الناس أو حتى آذانهم، أليس هو صاحب فكرة:* لاَ تَسْمَعُواْ لِهَـاذَا الْقُرْآنِ وَالْغَوْاْ فِيهِ.. *[فصلت: 26].
إن الشيطان لو لم يُلْق العراقيل في سبيل سماع القرآن ويُشكّك فيه لآمن به كل مَنْ سمعه؛ لأن للقرآن حلاوةً لا تُقَاوم، وأثراً ينفذ إلى القلوب مباشرة.

ومع ذلك لم يَفُتّ ما ألقى الشيطان في عَضُد القرآن، ولا في عَضُد الدعوة، فأخذت تزداد يوماً بعد يوم، ويزداد عدد المؤمنين بالقرآن المصدِّقين به، المهم أن نتنبه: كيف نستقبل القرآن، وكيف نتلقاه، لا بد أن نستقبله استقبالَ الخالي من هوى، فالذي يفسد الأحكام أنْ تُستقبل وتدخل على هوى سابق.
وسبق أن قلنا: إن الحيز الواحد لا يسع شيئين في وقت واحد، لا بُدَّ أنْ تُخرِج أحدهما لتُدخِل الآخر، فعليك - إذن - أنْ تُخلِي عقلك وفكرك تماماً، ثم تستقبل كلام الله، وابحث فيه كما شئت، فسوف تنتهي إلى الإيمان به شريطة أنْ تُصفِّي له قلبك، فلا تُبق في ذِهْنِك ما يُعكِّر صَفْو الفطرة التي خلقها الله فيك، عندها سيأخذ القرآن طريقه إلى قلبك، فإذا أُشْرِب قلبُك حُبَّ القرآن، فلا يزحزحه بعد ذلك شيء.
ولنا في إسلام سيدنا عمر مثالٌ وعِظَة، فلما سمع القرآن من أخته لأول مرة، وقد أغلق قلبه على كفره لم يتأثر به، وضربها حتى أَدْمى وجهها، وعندها رَقَّ قلبه، وتحركت عاطفته نحو أخته، وكأن عاطفة الحب زحزحتْ عاطفة العداوة، وكشفت عن صفاء طَبْعه، فلما سمع القرآن بعدها آمن به على الفور.
كذلك، إنْ أردت أنْ تناقشَ قضية الإيمان أو الكفر، وأنْ تختار بينهما؛ لأنهما يجتمعان أبداً، ولا بُدَّ أنْ تختار، فحين تناقش هذه القضية وأنت مُصِرٌّ على الكفر فلن تصل إلى الإيمان؛ لأن الله يطبع على القلب المُصِرَّ فلا يخرج منه الكفر، ولا يدخله الإيمان، إنما أخرِجْ الكفر أولاً وتحرّر من أَسْره،  
ثم ناقش المسائل كما تحب.

راجع الجزء الثاني من التفسير