درس 1): ارتد نظارتك الجديدة!
وانظر بها إلى عبادتك نظرة الطبيب الحاني لا نظرة التاجر الماهر.
وكن بعيد النظر!
وليجاوِز بصرك ما تحت قدميك وما بين يديك!
وانظر روعة الأمر الإلهي في مناسك الحج؛ والذي أعانك الله على دوائك، ودلَّك على سرعة شفائك:
(فَإِذَا قَضَيْتُم مَّنَاسِكَكُمْ فَاذْكُرُواْ اللّهَ كَذِكْرِكُمْ آبَاءكُمْ أَوْ أَشَدَّ ذِكراً)
الله تعالى هنا يأمرك بأمر:
إذا انتهيت من المناسك بمشقتها البدنية وتكاليفها المرهقة، فإياك أن تخلد لراحة، بل أتبعها بطاعة، وواصل سعيك، وداوِ قلبك، واشفِ صدرك وصدر قومٍ مؤمنين، وذلك حين تُلحِق الهزيمة المنكرة بشيطانك اللعين.
العبادة رحلة لا تنتهي!
في البدء: مجاهدة.
وفي وسط الطريق: إلفٌ واعتياد.
وفي النهاية: تلذذ واستمتاع .. وعدم تحمل الانقطاع (وجُعِلَتْ قرة عيني في الصلاة)..
ويظل العبد على ذلك حتى يرزقه الله بأحلى خاتمة وأروع لقاء وأحب عمل!
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
«أحب الأعمال إلى الله: أن تموت ولسانك رطبٌ من ذكر الله».
درس 2) جدِّد نيتك ترفع درجتك!!
أيام التشريق هي الأيام المعدودات التي ذكرها الله تعالى حيث قال:{ وَاذْكُرُواْ اللّهَ فِي أَيَّامٍ مَّعْدُودَاتٍ }، وهذا قول عبد الله بن عمر وعبد الله بن عباس وأكثر العلماء.
وفيها قال النبي صلى الله عليه وسلم:
«أيام التشريق أيام أكل وشرب وذكر الله» .
العبد يأكل ويشرب ليتقوى على ذلك بذكر الله.
وهو ما يلفت قلبك إلى أهمية النية الصالحة.. في كل أعمالك..
والتماس الحكمة من الأحداث اليومية العادية، ومعرفة مقاصد الله في النِّعم التي أنعم بها عليك .
ومن هنا تصبح ساعات يومك كلها طاعة وعبادة لربك، وتحقق بحق وبصورة عملية قول ربك: (إن صلاتي ونُسُكي ومحياي وومماتي لله رب العالمين)، وتخرج من الازدواجية البغيضة والتعايش السلبي مع المعصية
ومن أمثلة الازدواجية المقيتة:
• تاجر مخدرات يحج كل عام!
• ظالم وآكلٌ لحقوق الناس لا يفرِّط صلاة جماعة!.
• موظف أو مسؤول مرتشي، ويحافظ على صوم الاثنين والخميس!
• شاب وفتاة على علاقة محرمة ويتعاونان على إيقاظ بعضهما لصلاة الفجر!
ولا يقولن أحدٌ أن هذا باب مفتوح لا تُغلِقْه!
لأن هذا يكون صحيحا في حالة واحدة:
أن تندم بعد كل معصية..
ومادام قلبك بعد الذنب ينطوي على ألم فهناك أمل!
وعلامة هذا الألم ابتعادك عن مصدر الألم (الذنب).
فإن سقطت ثانية ..واصلتَ المحاولة، وبذلك تذبح يأسك وتقهر شيطانك!
وتكون العبد المُـــفَتَّن التوَّاب الذي مدحه رسول الله..
أخي..
كيف ترضى أن تكون أخا من إخوة يوسف حين قالوا وهم يفكِّرون في قتله:
(اقْتُلُوا يُوسُفَ أَوِ اطْرَحُوهُ أَرْضًا يَخْلُ لَكُمْ وَجْهُ أَبِيكُمْ وَتَكُونُوا مِنْ بَعْدِهِ قَوْمًا صَالِحِينَ)
يحملون حقيبة التوبة سابقة التجهيز في يد..
وأخاهم يوسف الذي يريدون التخلص منه في اليد الأخرى!
لسان حال أحدهم:
لا تقلق!
امضِ إلى الذَّنب ثابت الجنان والأركان، فتوبتك مقبولةٌ في جميع الأحوال مهما تتابع العصيان!
سنة مهجورة!
عن أبي أمامة رضي الله عنه قال:
رآني النبي صلى الله عليه وسلم وأنا أُحرِّك شَفَتَيَّ، فقال:
ما تقول يا أبا أُمامة؟
قُلْتُ: أذكر الله.
قال:
«ألا أدُلك على ما هو أكثر من ذكرِك الله الليل مع النهار؟
تقول:
الحمد لله عدد ما خلق الحمد لله..
الحمد لله ملء ما خلق ..
الحمد لله عدد ما في السموات وما في الأرض ..
الحمد لله عدد ما أحصى كتابه ..
والحمد لله ملء ما أحصى كتابه ..
والحمد لله عدد كل شيء ..
والحمد لله ملء كل شيء ..
وتسبِّح الله مثلهن..
تَعَلَّمْهُنَّ وعَلِّمْهُنَّ عَقِبَك مِنْ بَعْدِك»
سوط موعظة!
أخي..
قد تبيت في قصر وتُصبِح في قبر!
فحتى متى هذا الهجر؟!
ونقض عهودك مع ربك في ساحة الغدر!
أما آن أوان الرجوع والاستغفار؟!
والإقلاع عن الذنوب والإصرار على النار.
أما آن أن تغسل وجهك بالدموع بعد أن اسودَّ من كثرة الآثام.
وتغطيه بأردية التذلل في سجدة من سجدات القيام.
أقبِل اليوم قبل أن يفوتك قطار الرجوع ..
ولا يعود يُقبَل منك إذعان أو خضوع!
فيا حسرة عندها تملأ القلب المفجوع!
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق