آية الأسبوع

آية الأسبوع:

{كِتَابٌ أَنْـزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الأَلْبَابِ} سورة ص آية 29

حديث شريف

حديث نبوي شريف:

عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله تعالى يتلون كتاب الله ويتدارسونه بينهم إلا نزلت عليهم السكينة وغشيتهم الرحمة وحفتهم الملائكة وذكرهم الله فيمن عنده.


دعاء الأسبوع

دعاء الأسبوع:

اللهم اجعل القرآن العظيم ربيع قلوبنا ونور صدورنا وجلاء أحزاننا وذهاب همومنا وذنوبنا اللهم اجعلنا من الذين يتلونه آناء الليل وأطراف النهار اللهم اجعله حجتاً لنا لا علينا اللهم اجعله شافعا لنا يوم القيامة

مقتطفات من مقالات الموقع

بعد غياب دام لشهور استوجبته بعض الظروف الشخصية و حاجة للوقوف مع النفس و للتأمل في أهداف الموقع و الطموح للتجديد في محتواه، يسرني أن أعلمكم بإذن الله باستئناف نشر المقالات و الدروس الهادفة، و انطلاق سلسلة أحكام تجويد القرآن الكريم المدرجة بعنوان "و رتل القرآن ترتيلا"، نسأل الله تعالى التوفيق و السداد لما فيه خير و أن يتقبل منا و منكم صالح الأعمال و يجعلنا من أهل القرآن.

الأحد، 9 مارس 2014

وَمَنْ كَانَ فِي هَذِهِ أَعْمَى فَهُوَ فِي الْآخِرَةِ أَعْمَى وَأَضَلُّ سَبِيلًا

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم

يَوْمَ نَدْعُو كُلَّ أُنَاسٍ بِإِمَامِهِمْ فَمَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ فَأُولَئِكَ يَقْرَءُونَ كِتَابَهُمْ وَلَا يُظْلَمُونَ فَتِيلًا (71) وَمَنْ كَانَ فِي هَذِهِ أَعْمَى فَهُوَ فِي الْآخِرَةِ أَعْمَى وَأَضَلُّ سَبِيلًا (72)

صدق الله العظيم


                                                          سورة الإسراء آيات 71 و 72

خواطر الشيخ الشعراوي رحمه الله حول الآيات

يَوْمَ نَدْعُو كُلَّ أُنَاسٍ بِإِمَامِهِمْ فَمَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ فَأُولَئِكَ يَقْرَءُونَ كِتَابَهُمْ وَلَا يُظْلَمُونَ فَتِيلًا (71)

أي: يوم القيامة، والداعي هو المنادي، والناس هم المدعوون، والنداء على الناس في هذا اليوم لا يكون بفلان بن فلان، بل ينادي القوم بإمامهم أي: برسولهم، فيقال: يا أمة محمد، يا أمة عيسى، يا أمة موسى، يا أمة إبراهيم.
ثم يُفصّل هذا الإجمال، فتُنادى كل جماعة بمَنْ بلَّغهم وهداهم ودَلَّهم ليُغري الناس بنقل الفضل العلمي من أنفسهم إلى غيرهم.
وقال بعضهم * بِإِمَامِهِمْ * أي: بأمهاتهم، وفي دعاء الناس بأمهاتهم في هذا الموقف تكريم لعيسى عليه السلام أولاً، وسَتْر على أولاد الإثم ثانياً، حتى لا يُفضحوا على رؤوس الأشهاد في مثل هذا الموقف.
ثم يقول تعالى: * فَمَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ فَأُوْلَـائِكَ يَقْرَؤونَ كِتَابَهُمْ وَلاَ يُظْلَمُونَ فَتِيلاً * [الإسراء: 71]
فكوْنه أخذ كتابه بيمينه، فهذه بشارة الخير وبداية السلامة، فإذا به يسارع إلى قراءته، بل ويتباهى به بين الناس قائلاً:* هَآؤُمُ اقْرَؤُاْ كِتَابيَهْ *[الحاقة: 19] إنه مسرور بعمله الصالح الذي يحب أنْ يطلع عليه الناس، وقوله تعالى: * وَلاَ يُظْلَمُونَ فَتِيلاً * [الإسراء:
71]
الظلم أنْ تأخذ من خير غيرك مما ليس عندك، إذن: فعندك نقص في شيء تريد أنْ تحصل عليه ظلماً، إذن: فماذا ينقص الحق سبحانه وتعالى حتى يظلم الخَلْق؟! إن الخلق يتصفون بالظلم؛ لأن الإنسان عادةً لا يرضى بما قسم الله له؛ لذلك يشعر بالنقص فيظلم غيره، أما الله عز وجل فهو الغني عن الخَلْق، فكيف يظلمهم؟ وهم جميعاً بما يملكون هِبة منه سبحانه.
ومعنى * فَتِيلاًْ * عادةً يضرب الحق سبحانه وتعالى الأمثال في القرآن بالمألوف عند العرب وفي بيئتهم، ومن مألوفات العرب التمر، وهو غذاؤهم المفضّل والعَلف لماشيتهم، ومن التمر أخذ القرآن النقير والقطمير والفتيل، وهي ثلاثة أشياء تجدها في نواة الثمرة، وقد استخدمها القرآن في تمثيل الشيء الضئيل القليل.
فالنقير: هو تجويف صغير في ظهر النواة مثل النقطة.
والقطمير: هو اللفافة الرقيقة الشفافة بين الثمرة والنواة.
والفتيل: هو غلالة رقيقة تشبه الخيط في بطن النواة.
فمعنى: * وَلاَ يُظْلَمُونَ فَتِيلاً * [الإسراء: 71] أي: أنه سبحانه وتعالى لا يظلم الناس أبداً، فهو سبحانه مُنزَّه عن الظلم مهما تناهى في الصِّغَر.
وفي مقابل مَنْ أوتي كتابه بيمينه لم تذكر الآية مَنْ أُوتي كتابه بشماله، كما جاء في قوله تعالى:* وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِشِمَالِهِ فَيَقُولُ يالَيْتَنِي لَمْ أُوتَ كِتَابِيَهْ *[الحاقة: 25]
وفي آية أخرى قال:* وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ وَرَآءَ ظَهْرِهِ *[الانشقاق: 10]
أما هنا فقال الحق سبحانه: * وَمَن كَانَ فِي هَـاذِهِ أَعْمَىا فَهُوَ فِي الآخِرَةِ أَعْمَىا... *.

وَمَنْ كَانَ فِي هَذِهِ أَعْمَى فَهُوَ فِي الْآخِرَةِ أَعْمَى وَأَضَلُّ سَبِيلًا (72)


وهذا هو المقابل لمن أخذ كتابه بيمينه؛ لأنه عميتْ بصيرته في الدنيا فعمى في الآخرة، وطالما هو كذلك فلا شَكَّ أنه من أهل الشمال، فالآيات ذكرتْ مرة السبب، وذكرتْ مرة المسبّب، ليلتقي السبب والمسبب، وهو ما يعرف باسم [الاحتباك] البلاغي.
فكأن الحق سبحانه قال: إن مَنْ أُوتِي كتابه بيمينه وقرأه وتباهى به لم يكُنْ أعمى في دنياه، بل كان بصيراً واعياً، فاهتدى إلى منهج الله وسار عليه، فكانت هذه نهايته وهذا جزاءه.
أما مَنْ أوتي كتابه بشماله فقد كان أعمى في الدنيا عمى بصيرة لا عمى بصر؛ لأن عمى البصر حجب الأداة الباصرة عن إدراك المرائي، والكافرون في الدنيا كانوا مُبصرين للمرائي من حولهم. مُدركين لماديات الحياة، أما بصيرتهم فقد طُمِس عليها فلا ترى خيراً، ولا تهتدي إلى صلاح.
وسبق أن قلنا: إن الإنسان لكي يسير في رحلة الحياة على هدى لا بُدَّ له من بصر يرى به المرائي المادية، حتى لا يصطدم بأقوى منه فيتحطم أو بأضعف منه فيحطمه، والبصر للمؤمن والكافر من عطاء الربوبية للإنسان. لكن إلى جانب البصر هناك عطاء آخر هو ثمرة من ثمار عطاء الألوهية الذي لا يكون إلا للمؤمن، ألا وهو البصيرة، بصيرة القيم التي يكتسبها الإنسان من منهج الله الذي آمن به وسار على هَدْيه.
وقوله: * فَهُوَ فِي الآخِرَةِ أَعْمَىا وَأَضَلُّ سَبِيلا * [الإسراء: 72]
إنْ كان عماه في الدنيا عمى بصيرة، فَعَماه في الآخرة عمى بصر؛ لأن البصيرة مطلوبة منه في الدنيا فقط؛ لأن بها سيُعرف الخير من الشر، وعليها يترتب العمل، وليست الآخرة مجال عمل، إذن: العمى في الآخرة عمى البصر، كما قال تعالى في آية أخرى:* فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلاَ يَضِلُّ وَلاَ يَشْقَىا * وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكاً وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ أَعْمَىا *[طه: 123-124]
وقال عنهم في آية أخرى:* وَنَحْشُرُهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَىا وُجُوهِهِمْ عُمْياً وَبُكْماً وَصُمّا.. *[الإسراء: 97]
لكن قد يقول قائل: هناك آيات أخرى تثبت لهم الرؤية في الآخرة، مثل قوله تعالى:* حَتَّىا إِذَا رَأَوْاْ مَا يُوعَدُونَ.. *[مريم: 75]
وقوله تعالى:* وَرَأَى الْمُجْرِمُونَ النَّارَ فَظَنُّواْ أَنَّهُمْ مُّوَاقِعُوهَا.. *[الكهف: 53]
وللجمع بين هذه الآيات وللتوفيق بينها نقول: للكفار يوم القيامة في مجال الرؤية البصرية حالتان: الأولى عند القيام وهَوْل المحشر يكونون عُمْياً وبُكْماً وصُمّاً لتزداد حَيْرتهم ويشتد بهم الفزع حيث هم في هذا الكرب الشديد، ولكن لا يعرف ما يحدث ولا أين المهرب، ولا يستمعون من أحد كلمة، وهكذا هم في كَرْب وحَيْرة لا يدرون شيئاً. وهذه حالة العمي البصري عندهم.
أما الحالة الثانية وهي الرؤية، فتكون عندما يتجلى الحق تبارك وتعالى لأهل الموقف ويكشف الغطاء عن نفسه سبحانه، فهنا يصير الكافر حَادّ البصر، ليرى مكانه من النار.

ولا بُدَّ لنا هنا أن نلحظَ أن ألفاظ اللغة قد يكون اللفظ واحداً ولكن يختلف السياق، ففي قوله تعالى: * وَمَن كَانَ فِي هَـاذِهِ أَعْمَىا فَهُوَ فِي الآخِرَةِ أَعْمَىا وَأَضَلُّ سَبِيلاً * [الإسراء: 72]
فلفظ * أَعْمَىا * واحد، لكن في الآخرة قال * وَأَضَلُّ سَبِيلاً * إذن: لا بُدَّ أن عمى الدنيا أقلّ من عمى الآخرة، كما تقول: هذا خير. فمقابل خير: شر. أما لو قلت: هذا خَيْر من هذا فقد فضَّلتَ الأول في الخيرية عن الثاني، إذن: كلمة خير إما أنْ تأتي وَصْفاً، وإما أن تأتي تفضيلاً.
ومن ذلك قول الرسول صلى الله عليه وسلم: " المؤمن القوي خَيْرٌ وأحَبُّ إلى الله من المؤمن الضعيف، وفي كُلٍّ خير ".
فالمراد أن المؤمن القوي أكثر في الخيرية. إذن: فكلمة: * فَهُوَ فِي الآخِرَةِ أَعْمَىا.. * [الإسراء: 72] ليست وَصْفاً، وإنما تفضيل لعمى الآخرة على عمى الدنيا، أي أنه في الآخرة أشدّ عمىً.
وقوله تعالى: * وَأَضَلُّ سَبِيلاً * [الإسراء: 72] ومعلوم أنه كان ضالاً في الدنيا، فكيف يكون أضلَّ في الآخرة؟
قالوا: لأن ضلاله في الدنيا كان يمكن تداركه بالرجوع إلى المنهج والعودة إلى الطريق السَّويّ، أما في الآخرة فضلاله لا يمكن تداركه، فقد انتهى وقت الاختيار، إذن: فضلالهُ في الآخرة أشدّ وأعظمُ من ضلاله في الدنيا.
ثم يقول الحق سبحانه: * وَإِن كَادُواْ لَيَفْتِنُونَكَ عَنِ الَّذِي أَوْحَيْنَآ إِلَيْكَ لِتفْتَرِيَ عَلَيْنَا غَيْرَهُ... *.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق