فهو مجمع الفضائل ومحط المكارم ، ففيه ترفع الدرجات وتغفر السيئات ، وفيه يتسابق المتسابقون في الخيرات فهو موطن رحمة ودار عبادة .
ففضائل مكة جمة ومزاياها كثيرة فلنستعرض شيئا منها ، حتى يعلم المسلم حرمة هذا البلد ومنزلته عند الله ، فمن فضائل مكة شرفها الله :
1- أن فيها أول بيت وضع لعبادة الله في الأرض : قال تعالى : {إن أول بيت وضع للناس للذي ببكة مباركا وهدى للعالمين } (آل عمران:96) قال الحسن : هو أول مسجد عُبِد الله فيه في الأرض .
2- أنها حرم الله ورسوله : قال تعالى { إنما أمرت أن أعبد رب هذه البلدة الذي حرمها وله كل شيء وأمرت أن أكون من المسلمين }
فمكة حرمها الله على خلقه أن يسكفوا فيها دماً حراماً ، أو يظلموا فيها
أحداً ، أو يصاد صيدها ، أو يختلى خلالها . وفي الصحيحين عن أبي شريح رضي الله عنه قال : قال صلى الله عليه وسلم : (
إن مكة حرمها الله تعالى ولم يحرمها الناس ، ولا يحل لأمريء يؤمن بالله
واليوم الآخر أن يسفك بها دماً أو أن يعضد بها شجرة ، فإن أحد ترخص لقتال
رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقولوا له : إن الله أذن لرسوله صلى الله
عليه وسلم ولم يأذن لك ، وإنما أذن لي فيها ساعة من نهار وقد عادت حرمتها
اليوم كحرمتها بالأمس وليبلغ الشاهد الغائب ).
3- أنها دار الأمن والأمان : قال تعالى {
وإذ قال إبراهيم رب اجعل هذا بلدا آمنا وارزق أهله من الثمرات من آمن منهم
بالله واليوم الآخر قال ومن كفر فأمتعه قليلا ثم أضطره إلى عذاب النار وبئس
المصير } (البقرة:126) قال أبو جعفر
: " يعني بقوله آمنا ، آمناً من الجبابرة وغيرهم ، أن يسلطوا عليه ، ومن
عقوبة الله أن تناله كما تنال سائر البلدان ، من خسف وائتفاك - انقلاب -
وغرق ، وغير ذلك من سخط الله ومثلاته - عقوباته - التي تصيب سائر البلاد
غيره "
4- أحب البلاد إلى الله وإلى رسوله : فعن عبد الله بن عدي بن حمراء الزهري قال : رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو على راحلته واقف بالجرول يقول : ( والله إنك لخير أرض الله وأحب أرض الله إلى الله ولولا أني أخرجت منك ما خرجت ) رواه النسائي .
5- فضيلة الصلاة في مسجدها : وفضيلة الصلاة في المسجد الحرام
لا تعدلها فضيلة فالصلاة فيه بمائة ألف صلاة فيما سواه من المساجد ، فقد
ثبت عنه صلى الله عليه وسلم في الحديث أنه قال: ( صلاة
في المسجد الحرام أفضل مما سواه من المساجد بمائة ألف صلاة ، وصلاة في
مسجد المدينة أفضل من ألف صلاة فيما سواه ، وصلاة في مسجد بيت المقدس أفضل
مما سواه من المساجد بخمسمائة صلاة ) . رواه الطبراني و ابن خزيمة .
6- محصنة من الدجال : فلا يدخلها الدجال حفظا من الله لها ، فعن أنس بن مالك رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (
ليس من بلد إلا سيطؤه الدجال إلا مكة والمدينة ، ليس له من نقابها نقب
إلا عليه الملائكة صافين يحرسونها ، ثم ترجف المدينة بأهلها ثلاث رجفات
فيخرج الله كل كافر ومنافق ) رواه البخاري .
7- زمزم: وهي كرامة إسماعيل
عليه السلام وأمه ، حيث أنبع الله لهما هذه العين فصارت عينا معينا إلى يوم
القيامة ، في بلد قفر لا شجر فيه ولا ماء ، وهي مع كونها تروي العطشان ،
جعل الله فيها دواء وطعاماً لشاربيها ، فعن أبي ذر الغفاري رضي الله عنه ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( زمزم طعام طعم وشفاء سقم ) رواه البزار و الطبراني في الصغير وصححه الألباني .
8- حرمة استقبال الكعبة أو استدبارها عند قضاء الحاجة تكريما
لها وتشريفا : فيحرم على المسلم إذا كان في فضاء من الأرض لا يحول بينه
وبين القبلة شيء أن يستقبلها أو يستدبرها عند قضاء حاجته ، فعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال :( إذا أتيتم الغائط فلا تستقبلوا القبلة ولا تستدبروها ببول ولا غائط ، ولكن شرقوا أو غربوا ) رواه البخاري و مسلم واللفظ له .
9- مكة مركز اليابسة : وقد دلّ على ذلك قوله تعالى : { وكذلك أوحينا إليك قرآنا عربيا لتنذر أم القرى ومن حولها } ( الشورى:7 ) قال ابن عباس
في تفسير الآية : " أم القرى ، مكة ، ومن حولها الأرض كلها ". وقد دلت
الاكتشافات العلمية الحديثة أن مكة شرفها الله هي مركز اليابسة ، وقد توصل
إلى هذه النتيجة عدد من الباحثين منهم الدكتور حسين كمال الدين
العالم المصري الذي كان يحاول رسم خريطة للعالم يبين فيها للمسلمين في
أنحاء العالم اتجاه القبلة ، فاتضح له أن مكة مركز اليابسة في العالم ، وأن
اليابسة على سطح الكرة الأرضية موزعة حول مكة توزيعا منتظما .
10- مكة قبلة المسلمين : وهذه فضيلة أخرى من فضائل بيت الله
الحرام ، فإليها يتوجه عموم المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها ، قال تعالى
:{ قد نرى تقلب وجهك في السماء فلنولينك قبلة ترضاها فول وجهك شطر المسجد الحرام وحيثما كنتم فولوا وجوهكم شطره } (البقرة:144)
11- المحاسبة فيها على الهم بالسيئات : على خلاف غيرها من
البلاد التي لايؤاخذ المرء فيها إلا على فعله أو قوله دون ما يهم به ، قال
تعالى { ومن يرد فيه بإلحاد بظلم نذقه من عذاب أليم }
سورة الحج ( الآية :25 ) والإلحاد هنا هوالميل والحيد عن دين الله الذي
شرعه ، ويدخل في ذلك الشرك بالله في الحرم ، أو الكفر به ، أو فعل شيء مما
حرمه الله ، أو ترك شيء مما أوجبه الله ، أو انتهاك حرمات الحرم .
فهذه بعض فضائل بيت الله الحرام ، نسأل المولى عز وجل أن يبلغنا إياه حاجين ومعتمرين مرات بعد مرات ؛ إنه ولي ذلك والقادر عليه .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق