آية الأسبوع

آية الأسبوع:

{كِتَابٌ أَنْـزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الأَلْبَابِ} سورة ص آية 29

حديث شريف

حديث نبوي شريف:

عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله تعالى يتلون كتاب الله ويتدارسونه بينهم إلا نزلت عليهم السكينة وغشيتهم الرحمة وحفتهم الملائكة وذكرهم الله فيمن عنده.


دعاء الأسبوع

دعاء الأسبوع:

اللهم اجعل القرآن العظيم ربيع قلوبنا ونور صدورنا وجلاء أحزاننا وذهاب همومنا وذنوبنا اللهم اجعلنا من الذين يتلونه آناء الليل وأطراف النهار اللهم اجعله حجتاً لنا لا علينا اللهم اجعله شافعا لنا يوم القيامة

مقتطفات من مقالات الموقع

بعد غياب دام لشهور استوجبته بعض الظروف الشخصية و حاجة للوقوف مع النفس و للتأمل في أهداف الموقع و الطموح للتجديد في محتواه، يسرني أن أعلمكم بإذن الله باستئناف نشر المقالات و الدروس الهادفة، و انطلاق سلسلة أحكام تجويد القرآن الكريم المدرجة بعنوان "و رتل القرآن ترتيلا"، نسأل الله تعالى التوفيق و السداد لما فيه خير و أن يتقبل منا و منكم صالح الأعمال و يجعلنا من أهل القرآن.

الأحد، 5 أغسطس 2012

وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ وَلَا نَبِيٍّ إِلَّا إِذَا تَمَنَّى أَلْقَى الشَّيْطَانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم
وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ وَلَا نَبِيٍّ إِلَّا إِذَا تَمَنَّى أَلْقَى الشَّيْطَانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ فَيَنْسَخُ اللَّهُ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ ثُمَّ يُحْكِمُ اللَّهُ آيَاتِهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (52)
صدق الله العظيم


سورة الحج آية  52


خواطر الشيخ الشعراوي رحمه الله حول الآية -1


أثارت هذه الآية جَدلاً طويلاً بين العلماء، ودخل فيه كثير من الحشْو والإسرائيليات، خاصة حول معنى * تَمَنَّى * [الحج: 52] وهي تَرد في اللغة بمعنيين، وما دام اللفظ يحتمل معنيين فليس أحدهما أَوَْلَى من الآخر إلا بمدى استعماله وشيوعه بين جمهور العربية، ويأتي التمني في اللغة بمعنى القراءة، كما ورد في قول حسان بن ثابت في رثاء عثمان بن عفان رضي الله عنهما:تمنَّى كِتابَ الله أوَّلَ لَيْلةٍ وآخِرَهَا وَافَاهُ حَتْم المقَادِرِيعني: قُتِل عثمان وهو يقرأ القرآن، وهذا المعنى غريب في حمَلْ القرآن عليه لعدم شيوعه.
وتأتي تمنى بمعنى: أحب أن يكون الشيء، وهذا هو القول المشهور في لغة العرب. أما بمعنى قرأ فهو غير شائع، ويُردّ هذا القول، وينقضه نَقْضاً أولياً مبدئياً قوله تعالى: * وَمَآ أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رَّسُولٍ وَلاَ نَبِيٍّ.. * [الحج: 52].
ومعلوم أن الرسول ينزل عليه كتاب يمكن أن يقرأه، أمّا النبي فلا ينزل عليه كتاب، بل يعمل بشرع مَنْ سبقه من الرسل. إذن: فما دام الرسول والنبي مشتركْين في إلقاء الشيطان، فلا بُدَّ أن تكون الأمنية هنا بمعنى: أحب أن يكون الشيء، لا بمعنى قرأ، فأيُّ شيء سيقرأ النبي وَليس معه كتاب؟
والذين فهموا التمني في قوله تعالى: * وَمَآ أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رَّسُولٍ وَلاَ نَبِيٍّ إِلاَّ إِذَا تَمَنَّىا أَلْقَى الشَّيْطَانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ * [الحج: 52] أنه بمعنى: قرأ، سواء أكانوا من العلماء المتعمِّقين أو السطحيين، قالوا: المعنى إذا قرأ رسولُ الله القرآنَ تدخّل الشيطان في القراءة، حتى يُدخِل فيها ما ليس منها.
وذكروا دليلاً على ذلك في قوله تعالى:* أَفَرَأَيْتُمُ اللاَّتَ وَالْعُزَّىا * وَمَنَاةَ الثَّالِثَةَ الأُخْرَىا *[النجم: 19 -20] ثم أضافوا: والغرانيق العلا، وإن شفاعتهن لترتجى. وكأن الشيطان أدخل في القرآن هذا الكلام، ثم نسخه الله بعد ذلك، وأحكم الله آياته.
لكن هذا القول يُشكِّك في قضية القرآن، وكيف نقول به بعد أن قال تعالى في القرآن:* نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الأَمِينُ * عَلَىا قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ *[الشعراء: 193 - 194].
وقال:* وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنَا بَعْضَ الأَقَاوِيلِ * لأَخَذْنَا مِنْهُ بِالْيَمِينِ * ثُمَّ لَقَطَعْنَا مِنْهُ الْوَتِينَ * فَمَا مِنكُمْ مِّنْ أَحَدٍ عَنْهُ حَاجِزِينَ *[الحاقة: 44 - 47].
إذن: الحق سبحانه وتعالى حفظ قرآنه وكلامه من أمثال هذا العبث، وكيف نُدخِل في القرآن هذه الكفريات؟ وكيف تستقيم عبارتهم: والغرانيق العلا، وإن شفاعتهن لترتجى مع قول الله تعالى:* أَفَرَأَيْتُمُ اللاَّتَ وَالْعُزَّىا * وَمَنَاةَ الثَّالِثَةَ الأُخْرَىا * أَلَكُمُ الذَّكَرُ وَلَهُ الأُنْثَىا * تِلْكَ إِذاً قِسْمَةٌ ضِيزَىا *[النجم: 19 - 22] كيف ينسجم هذا وذاك؟
فهذا الفهم في تفسير الآية لا يستقيم، ولا يمكن للشيطان أنْ يُدخِل في القرآن ما ليس منه، لكن يحتمل تدخُّل الشيطان على وجه آخر: فحين يقرأ رسول الله القرآن، وفيه هداية للناس، وفيه مواعظ وأحكام ومعجزات، أتنتظر من عدو الله أنْ يُخلِي الجو للناس حتى يسمعوا هذا الكلام دون أنْ يُشوِّش عليهم، ويُبلبل أفكارهم، ويَحُول بينهم وبين سماعه؟
فإذا تمنّى الرسول يعني: قرأ ألقى الشيطان في أُمنيته، وسلَّط أتباعه من البشر يقولون في القرآن: سِحْر وشِعْر وإفْك وأساطير الأولين: فدَوْر الشيطان - إذن - لا أنْ يُدخِلَ في كلام الله ما ليس منه، فهذا أمر لا يقدر عليه ولا يُمكِّنه الله من كتابه أبداً، إنما يمكن أنْ يُلقِي في طريق القرآن وفَهْمه والتأثر به العقبات والعراقيل التي تصدُّ الناس عن فَهْمه والتأثر به، وتُفسِد القرآن في نظر مَنْ يريد أن يؤمن به.


لكن، هل محاولة تشويه القرآن هذه وصَدّ الناس عنه جاءت بنتيجة، وصرفتْ الناس فعلاَ عن كتاب الله؟
لقد خيَّبَ الله سَعيْه، ولم تقف محاولاته عقبة في سبيل الإيمان بالقرآن والتأثر به؛ لأن القرآن وجد قلوباً وآذاناً استمعتْ وتأملتْ فآمنت وانهارتْ لجلاله وعظمته وخضعتْ لأسلوبه وبلاغته، فآمنوا به واحداً بعد الآخر.
ثم يقول تعالى: * فَيَنسَخُ اللَّهُ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ ثُمَّ يُحْكِمُ اللَّهُ آيَاتِهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ * [الحج: 52] يعني: ألغى وأبطل ما ألقاه الشيطان من الأباطيل والعقبات التي أراد بها أنْ يصدَّ الناس عن القرآن، وأحكمَ الله آياته، وأوضح أنها منه سبحانه، وأنه كلام الله المعْجز الذي لو اجتمعتْ الإنس والجنُّ على أنْ يأتوا بمثله ما استطاعوا إلى ذلك سبيلاً.
هذا على قول مَنِ اعتبر أن * تَمَنَّى * [الحج: 52 ] بمعنى: قرأ.
أما على معنى أنها الشيء المحبوب الذي نتمناه، فنقول: الرسول الذي أرسله الله تعالى بمنهج الحق إلى الخَلْق، فإنْ كان قادراً على تطبيق المنهج في نفسه فإنَّ أُمنيته أنْ يُصدَّق وأنْ يُطاع فيما جاء به، أمنيته أنْ يسود َمنهجه ويُسيطر ويسُوس به حركة الحياة في الناس.
والنبي أو الرسول هو أَوْلى الناس بقومه، وهو أحرصهم على نَفْعهم وهدايتهم، والقرآن خير يحب للناس أن يأخذوا به عملاً بقوله صلى الله عليه وسلم: " لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه ". 
لكن، هل يترك الشيطان لرسول الله أنْ تتحقق أُمنيته في قومه أَمْ يضع في طريقه العقبات، ويُحرِّك ضده النفوس، فيتمرّد عليه قومه حيث يُذكِّرهم الشيطان بما كان لهم من سيادة ومكانة سيفقدونها بالإسلام؟
وهكذا يُلْقي الشيطان في أُمنية الرسول * إِلاَّ إِذَا تَمَنَّىا أَلْقَى الشَّيْطَانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ * [الحج: 52] وما كان الشيطان ليدع القرآن ينفذ إلى قلوب الناس أو حتى آذانهم، أليس هو صاحب فكرة:* لاَ تَسْمَعُواْ لِهَـاذَا الْقُرْآنِ وَالْغَوْاْ فِيهِ.. *[فصلت: 26].
إن الشيطان لو لم يُلْق العراقيل في سبيل سماع القرآن ويُشكّك فيه لآمن به كل مَنْ سمعه؛ لأن للقرآن حلاوةً لا تُقَاوم، وأثراً ينفذ إلى القلوب مباشرة.

ومع ذلك لم يَفُتّ ما ألقى الشيطان في عَضُد القرآن، ولا في عَضُد الدعوة، فأخذت تزداد يوماً بعد يوم، ويزداد عدد المؤمنين بالقرآن المصدِّقين به، المهم أن نتنبه: كيف نستقبل القرآن، وكيف نتلقاه، لا بد أن نستقبله استقبالَ الخالي من هوى، فالذي يفسد الأحكام أنْ تُستقبل وتدخل على هوى سابق.
وسبق أن قلنا: إن الحيز الواحد لا يسع شيئين في وقت واحد، لا بُدَّ أنْ تُخرِج أحدهما لتُدخِل الآخر، فعليك - إذن - أنْ تُخلِي عقلك وفكرك تماماً، ثم تستقبل كلام الله، وابحث فيه كما شئت، فسوف تنتهي إلى الإيمان به شريطة أنْ تُصفِّي له قلبك، فلا تُبق في ذِهْنِك ما يُعكِّر صَفْو الفطرة التي خلقها الله فيك، عندها سيأخذ القرآن طريقه إلى قلبك، فإذا أُشْرِب قلبُك حُبَّ القرآن، فلا يزحزحه بعد ذلك شيء.
ولنا في إسلام سيدنا عمر مثالٌ وعِظَة، فلما سمع القرآن من أخته لأول مرة، وقد أغلق قلبه على كفره لم يتأثر به، وضربها حتى أَدْمى وجهها، وعندها رَقَّ قلبه، وتحركت عاطفته نحو أخته، وكأن عاطفة الحب زحزحتْ عاطفة العداوة، وكشفت عن صفاء طَبْعه، فلما سمع القرآن بعدها آمن به على الفور.
كذلك، إنْ أردت أنْ تناقشَ قضية الإيمان أو الكفر، وأنْ تختار بينهما؛ لأنهما يجتمعان أبداً، ولا بُدَّ أنْ تختار، فحين تناقش هذه القضية وأنت مُصِرٌّ على الكفر فلن تصل إلى الإيمان؛ لأن الله يطبع على القلب المُصِرَّ فلا يخرج منه الكفر، ولا يدخله الإيمان، إنما أخرِجْ الكفر أولاً وتحرّر من أَسْره،  
ثم ناقش المسائل كما تحب.

راجع الجزء الثاني من التفسير


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق