أعوذ بالله من الشيطان الرجيم
مَا أَشْهَدْتُهُمْ خَلْقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلَا خَلْقَ أَنْفُسِهِمْ وَمَا كُنْتُ مُتَّخِذَ الْمُضِلِّينَ عَضُدًا (51) وَيَوْمَ يَقُولُ نَادُوا شُرَكَائِيَ الَّذِينَ زَعَمْتُمْ فَدَعَوْهُمْ فَلَمْ يَسْتَجِيبُوا لَهُمْ وَجَعَلْنَا بَيْنَهُمْ مَوْبِقًا (52)
مَا أَشْهَدْتُهُمْ خَلْقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلَا خَلْقَ أَنْفُسِهِمْ وَمَا كُنْتُ مُتَّخِذَ الْمُضِلِّينَ عَضُدًا (51) وَيَوْمَ يَقُولُ نَادُوا شُرَكَائِيَ الَّذِينَ زَعَمْتُمْ فَدَعَوْهُمْ فَلَمْ يَسْتَجِيبُوا لَهُمْ وَجَعَلْنَا بَيْنَهُمْ مَوْبِقًا (52)
صدق الله العظيم
سورة الكهف آيات 51 و 52
خواطر الشيخ الشعراوي رحمه الله حول الآية
سورة الكهف آيات 51 و 52
خواطر الشيخ الشعراوي رحمه الله حول الآية
مَا
أَشْهَدْتُهُمْ خَلْقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلَا خَلْقَ أَنْفُسِهِمْ وَمَا
كُنْتُ مُتَّخِذَ الْمُضِلِّينَ عَضُدًا (51)
إن هذا الشيطان الذي واليتموه
من دون الله، وأعطيتموه الميْزة، واستمعتم إليه ما أشهدتهم خَلْق السماوات والأرض مجرد
المشاهدة، لم يحضروها لأن خَلْق السماوات والأرض كان قبل خَلْقهم، وكذلك ما شَهِدوا
خَلْق أنفسهم؛ لأنهم ساعة خَلْقتهم لم يكونوا موجودين، إنهم لم يشهدوا شيئاً من ذلك
لكي يخبروكم.
* وَمَا كُنتُ مُتَّخِذَ الْمُضِلِّينَ عَضُداً * [الكهف:
51] أي: مساعدين ومعاونين ومساندين، فما أشهدتهم الخَلْق وما عاونوني فيه.
والعَضُد: هو القوة التي تُسعفك
وتسندك، وهو مأخوذ من عَضُد الإنسان، حيث يزاول أغلب أعماله بيده، وحين يزاول أعماله
بيده تتحرك فيه مجموعة من الأعضاء قَبْضاً وبَسْطاً واتجاهاً يميناً وشمالاً، وأعلى
وأسفل، وكُلُّ هذه الحركات لا بُدَّ لها من مُنظِّم أو موتور هو العضد، وفي حركة اليد
ودقتها في أداء مهمتها آياتٌ عُظْمى تدلُّ على دِقَّة الصَّنْعة
.
وحينما صنع البشر ما يشبه الذراع
واليد البشرية من الآلات الحديثة، تجد سائق البلدوزر مثلاً يقوم بعدة حركات لكي يُحرِّك
هذه الآلة، أما أنت فتحرِّك يدك كما شئْتَ دون أن تعرف ماذا يحدث؟ وكيف تتم لك هذه
الحركة بمجرد أن تُفكّر فيها دون جهد منك أو تدبير؟
فكل أجزائك مُسخَّرة لإرادتك،
فإنْ أردتَ القيام مثلاً قمتَ على الفور؛ لذلك إياك أنْ تظن أنك خَلْق ميكانيكي، بل
أنت صَنْعة ربانية بعيدة عن ميكانيكا الآلات، بدليل أنه إذا أراد الخالق سبحانه أن
يُوقِف جزءاً منك أمر المخ أنْ يقطعَ صِلَته به، فيحدث الشلل التام، ولا تستطيع أنت
دَفْعَه أو إصلاحه.
ومن ذلك أيضاً قوله تعالى في
قصة موسى:* سَنَشُدُّ عَضُدَكَ بِأَخِيكَ.. *[القصص: 35] أي: نُقوِّيك ونُعطيك السَّنَد
والعَوْن.
ثم يقول الحق سبحانه: * وَيَوْمَ
يَقُولُ نَادُواْ شُرَكَآئِيَ الَّذِينَ زَعَمْتُمْ فَدَعَوْهُمْ... *.
وَيَوْمَ
يَقُولُ نَادُوا شُرَكَائِيَ الَّذِينَ زَعَمْتُمْ فَدَعَوْهُمْ فَلَمْ يَسْتَجِيبُوا
لَهُمْ وَجَعَلْنَا بَيْنَهُمْ مَوْبِقًا (52)
يعني: واذْكر يا محمد، ولتذْكُرْ
معك أمتك هذا اليوم: * وَيَوْمَ يَقُولُ نَادُواْ شُرَكَآئِيَ الَّذِينَ زَعَمْتُمْ..
* [الكهف: 52] يقول الحق سبحانه للكفار: ادعوا شركائي الذين اتخذتموهم من دوني. وزعمتم:
أي: كذبتم في ادعائكم أنهم آلهة * فَدَعَوْهُمْ فَلَمْ يَسْتَجِيبُواْ لَهُمْ.. *
[الكهف: 52]
وهذا من سماجتهم وتبجُّحهم وسوء
أدبهم مع الحق سبحانه، فكان عليهم أنْ يخجلوا من الله، ويعودوا إلى الحق، ويعترفوا
بما كذَّبوه، لكنهم تمادَوْا * فَدَعَوْهُمْ.. * [الكهف: 52] ويجوز أن من الشركاء أناساً
دون التكليف، وأناساً فوق التكليف، فمثلاً منهم مَنْ قالوا: عيسى. ومنهم مَنْ قالوا:
العزير، وهذا باطل، وهل استجابوا لهم؟
ومنهم مَنِ اتخذوا آلهة أخرى،
كالشمس والقمر والأصنام وغيرها، ومنهم مَنْ عبد ناساً مثلهم وأطاعوهم، وهؤلاء كانوا
موجودين معهم، ويصح أنهم دَعَوْهم ونادوهم: تعالوا، جادلوا عنّا، وأخرجونا مما نحن
فيه، لقد عبدناكم وكنا طَوْعَ أمركم، كما قال تعالى عنهم:* مَا نَعْبُدُهُمْ إِلاَّ
لِيُقَرِّبُونَآ إِلَى اللَّهِ زُلْفَى.. *[الزمر: 3]
ولكن، أنَّى لهم ما يريدون؟
فقد تقطعتْ بينهم الصلات، وانقطعت حجتهم * فَلَمْ يَسْتَجِيبُواْ لَهُمْ.. * [الكهف:
52] ثم جعل الحق سبحانه بين الداعي والمدعو وادياً سحيقا: * وَجَعَلْنَا بَيْنَهُم
مَّوْبِقاً.. * [الكهف: 52]
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق