آية الأسبوع

آية الأسبوع:

{كِتَابٌ أَنْـزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الأَلْبَابِ} سورة ص آية 29

حديث شريف

حديث نبوي شريف:

عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله تعالى يتلون كتاب الله ويتدارسونه بينهم إلا نزلت عليهم السكينة وغشيتهم الرحمة وحفتهم الملائكة وذكرهم الله فيمن عنده.


دعاء الأسبوع

دعاء الأسبوع:

اللهم اجعل القرآن العظيم ربيع قلوبنا ونور صدورنا وجلاء أحزاننا وذهاب همومنا وذنوبنا اللهم اجعلنا من الذين يتلونه آناء الليل وأطراف النهار اللهم اجعله حجتاً لنا لا علينا اللهم اجعله شافعا لنا يوم القيامة

مقتطفات من مقالات الموقع

بعد غياب دام لشهور استوجبته بعض الظروف الشخصية و حاجة للوقوف مع النفس و للتأمل في أهداف الموقع و الطموح للتجديد في محتواه، يسرني أن أعلمكم بإذن الله باستئناف نشر المقالات و الدروس الهادفة، و انطلاق سلسلة أحكام تجويد القرآن الكريم المدرجة بعنوان "و رتل القرآن ترتيلا"، نسأل الله تعالى التوفيق و السداد لما فيه خير و أن يتقبل منا و منكم صالح الأعمال و يجعلنا من أهل القرآن.

الخميس، 21 يونيو 2012

الشباب.. وتقريع النفس

الشباب.. وتقريع النفس

مرحلة الشباب هي مرحلة الفتوة والقوة والفورة وهي أيضا بدايات   مرحلة
 النضج واكتمال النمو، ومعلوم أن المدخل إليها هو مرحلة المراهقة، وفي هذه الفترة تبدأ التغيرات في الإنسان لتكتمل له رجولته وفحولته، ومعلوم أن هذه الفترة أيضا تحدث فيها التغيرات الجسمية والجنسية وانفتاح أبواب الشهوات والميل إليها والتي تبدأ من ذلك الوقت تلح على صاحبها، ولأنها فترة فيها كثير من التنقلات العقلية والتغيرات النفسية والمتطلبات الجسدية والذهنية فتتفاوت فيها ردة فعل الشباب بين محافظ يحاط بأسباب الرعاية والوقاية التي توفرها له الأسرة والمجتمع، وبين آخر يعيش في وسط بعيد عن تلك الحماية، وبين متوسط بين هذه وتلك.. 

ومهما كان الشاب تقيا نقيا، خصوصا في زماننا الذي تغولت فيه الفتن والمغريات، فإنه لا بد، وهي طبيعة البشر، من الوقوع في الخطأ، على تفاوت بين الناس في ذلك الوقوع وهذا الزلل. فقد أخبر نبينا صلى الله عليه وسلم أن [كل بني آدم خطاء وخير الخطائين التوابون].
وليس ما أريد أن أتكلم عنه هو الوقوع في الزلل أو الخطأ، فهذا كما قلت لا يسلم منه إنسان، ولكن الذي أريد أن أتكلم عنه هو ردة الفعل لهذا الانزلاق والخلل..

هناك قليل من الشباب يفعل ما يفعل ويعصي على قدر ما يعصي ولا تتحرق نفسه لتوبة ولا تتوق لترك ما هي فيه، هكذا هو دائما غريق لكنه لا يريد أن ينقذه أحد مما هو فيه، أجرب ينزف جلده دما من الجرب ومع ذلك يتلذذ بحكه بما يدميه، وليس هؤلاء هم محل حديثنا وإن كنا ندعو الله لنا ولهم بالهداية واليقظة والعودة إلى الهدى والطاعة وإلى رحاب رضوان الله.

ولكننا نقصد شبابا يكون فيه دين ولديه خلق، فإذا وقع في شيء من المعاصي عاد على نفسه بالتقريع واللوم ـ وليس في هذا ذم ولا عليه اعتراض ـ ولكن الذم والاعتراض أن يخرج حد اللوم وتقريع النفس إلى حد اليأس واحتقار النفس والنزول بها إلى مستنقع المطرودين القانطين من رحمة رب العالمين.. فإن هذا غالبا ما يكون سببا في عدم التوبة أو دعوة من الشيطان لإبقاء الإنسان على ما هو عليه بل الزيادة فيه والانغماس بعد أن يوهمه بانقطاع الأمل في قبول التوبة. ولا يزال هذا الشاب يحقر نفسه ويحط من قدرها إلى أن ترضى بالهوان وترضي بالدون فيعيش دورا سلبيا في حياته بسبب ذلك التقريع.

وهناك البعض ممن يرجع إلى الله ويتوب إليه ويترك ما كان عليه، ولكنه يستصحب ذنوبه دائما فيستصغر نفسه ويحتقرها لسوء فعلها في الماضي، ويظن أنها لا تصلح لأن تقوم بعمل خير قط، ولهذا يبقى دائما في الظل، أقصى ما يمكن أن يفعله أن يصلح نفسه وفقط، ولا دخل له بالناس لأنه يرى أن مثله لا يصلح لعمل خير أو دعوة غير، فضلا أن يكون من الدعاة المخلصين أوالعلماء العاملين.

لا يهمني كثيرا حال الشاب وقت تفريطه، ولا أي ذنب هذا الذي ارتكبه، ولا تلك المصائب والبلايا التي وقع فيها.. لا يهم كم مرة وقع في تلك الخطيئة وكم مرة قارف ذلك الذنب، ولا حتى عظم الذنب وكبر الخطيئة، ولكن الذي يهم هو أنه رجع عن ذنبه واعترف لله بخطيئته وندم على ما فات وترك وأقلع وعزم على ألا يعود..

الذي يهم أنه تاب إلى الله توبة نصوحا وأخذ بأسبابها التي تفتح باب الرجاء لقبولها، وعند ذلك نبشره بأن الله وعد بقبول توبته، ويفرح بأوبته وعودته، ويدعوه لدخول حظيرة التائبين ومضمار العابدين، ويدعوه ليكون من العاملين لا من الخاملين.

تذكر أخي ـ ودعني أتذكر معك ـ أناسا كانوا كفارا ـ وليس بعد الكفر ذنب ـ فلما أسلموا لله وقبلوا دينه وتركوا الكفر وأقبلوا على الإيمان وعملوا للدين رفعهم الله، وهل كان أصحاب الرسول رضوان الله عليهم قبل إسلامهم إلا كفارا، يسجدون للأصنام ويفعلون الآثام العظام، ولكنهم بعد التوبة انتقلوا انتقالة رائعة إلى أماكن عالية في عالم الإيمان ومراتب العبودية.

ألا تذكر عمر بن الخطاب وكيف كان يعذب المسلمين عذابا شديدا قبل إسلامه، وحتى أنه قرر يوما ما أن يقتل رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما منّ الله عليه بالإيمان والإسلام كيف أصبح.. لقد أصبح الرجل الثاني في تاريخ البشرية كله بعد الأنبياء والمرسلين، وسيدًا لكهول أهل الجنة مع أبي بكر رضي الله عن الجميع. 

لقد قاتل خالد بن الوليد المسلمين كثيرا وقتل منهم في أحد وغيرها من قتل، فلما عاد وآب ورجع عن كفره، قبله الله ورفعه ونفع به وجعله سيفا من سيوفه يسلطه على من شاء من الكافرين، ولو جلس يفكر كم قتل من المسلمين، وكم آذى الله ورسوله ما سل سيفا في سبيل الله.

إن هذه الخطيئة أعني دوام تقريع النفس لعظم الذنب كادت أن تصيب جماعة كانوا على عهد النبي صلى الله عليه وسلم، كانوا كافرين وارتكبوا من المخازي والمعاصي ما ظنوا هم أنفسهم أن الله لا يقبل توبة أمثالهم.. لكن الله تبارك وتعالى ألهمهم أن يسألوا رسول الله صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم.. وتعال لنسمع الحديث من فم ابن عباس رضي الله عنه.. يقول: "إن ناسا من أهل الشرك قتلوا فأكثروا، وزنوا فأكثروا، ثم أتوا محمدا صلى الله عليه وسلم، فقالوا: إن الذي تقول وتدعو إليه لحسن لو تخبرنا أن لما عملنا كفارة! فنزل: {والذين لا يدعون مع الله إلها آخر ولا يقتلون النفس التي حرم الله إلا بالحق ولا يزنون ومن يفعل ذلك يلق أثاما}[الفرقان:6] ونزل: {يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله} [الزمر:53](رواه مسلم).

وهل أتاك نبأ أبي الطويل، وهو رجل اسمه " شطب الممدود"  عمل الشر كله ثم نازعته نفسه الطيبة ليتوب؛ فجاء يسأل المصطفى صلى الله عليه وسلم.. ويقول له: أرأيت رجلا عمل الذنوب كلها فلم يترك منها شيئا، وهو في ذلك لم يترك حاجة ولا داجة إلا اقتطعها بيمينه، فهل لذلك من توبة؟ قال: هل أسلمت؟ قال: أما أنا فأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأنك رسوله، قال: نعم، تفعل الخيرات، وتترك الشرات، يجعلهن الله لك كلهن خيرات، قال: وغدراتي وفجراتي! قال: نعم، قال: الله أكبر، فما زال يكبر حتى توارى". (والحديث جود إسناده المنذري وحسنه ابن حجر).

لقد أخبره النبي صلى الله عليه وسلم أنه لا شيء يكبر على التوبة، وأمره أن يكون إيجابيا فيترك الشر ويفعل الخير، ثم بشره إن فعل أن يحول الله كل هذه السيئات إلى حسنات مصداقا لقوله سبحانه في كتابه {إلا من تاب وآمن وعمل عملا صالحا فأولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات وكان الله غفورا رحيما}(سورة الفرقان:70).

إنها دعوة لفتح باب الأمل أمام كل من حاول الشيطان إغلاقه في وجهه.

إنها دعوة للعودة إلى الله تعالى، ورجوع حميد إليه يغسل النفس من أدرانها، ويطهر العبد من قذارات المعاصي وآثار الذنوب.. 

دعوة لتكريم النفس وعدم وصمها بالنقص دائما وأبدا حتى تعتاد عليه وترضاه.

ثم هي دعوة للجد والاجتهاد والانخراط في العمل والدعوة لله وعدم التقاعس بدعوى أني لا أصلح لهذا.. 

قيل للإمام أحمد أيبقى العبد حتى يكمل ثم يدعو إلى الله؟ قال: أوه.. ومن يكمل؟!!

فيا شباب الإسلام، الميدان يحتاج لكم فلا تركنوا إلى هذه الوساوس والصوارف، وأقدموا على فعل الخير، وشجعوا أنفسكم على اقتحامها فأنتم أحق بها وأهلها.
 

الأحد، 10 يونيو 2012

قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ,,,

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم

قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَمَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا
صدق الله العظيم
سورة الكهف آية 110   

خواطر الشيخ الشعراوي رحمه الله حول الآية

(قُلْ) أي: يا محمد، وهذا كلام جديد * قُلْ إِنَّمَآ أَنَاْ بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ... * [الكهف: 110] يعني: خُذُوني أُسْوة، فأنا لست ملَكاً إنما أنا بشر مثلكم، وحملتُ نفسي على المنهج الذي أطالبكم به، فأنا لا آمركم بشيء وأنا عنه بنجْوَى. بل بالعكس كان صلى الله عليه وسلم أقلَّ الناس حَظّاً من مُتَعِ الحياة وزينتها.
فكان في المؤمنين به الأغنياء الذين يتمتعون بأطايب الطعام ويرتدُونَ أغْلى الثياب في حين كان صلى الله عليه وسلم يمر عليه الشهر والشهران دون أنْ يُوقَد في بيته نار لطعام، وكان يرتدي المرقّع من الثياب، كما أن أولاده لا يرثونه، كما يرث باقي الناس، ولا تحل لهم الزكاة كغيرهم، فحُرِموا من حَقٍّ تمتع به الآخرون.
لذلك كان صلى الله عليه وسلم أدنى الأسوات أي: أقل الموجودين في مُتع الحياة وزُخْرفها، وهذا يلفتنا إلى أن الرسالة لم تُجْرِ لمحمد نفعاً دنيوياً، ولم تُميِّزه عن غيره في زَهْرة الدنيا الفانية، إنما مَيَّزتْه في القيم والفضائل.
ومن هنا كان صلى الله عليه وسلم يقول: " يرد عليَّ ـ يعني من الأعلى ـ فأقول: أنا لست مثلكم، ويؤخذ مني فأقول: ما أنا إلا بشر مثلكم ".
والآية هنا لا تميزه صلى الله عليه وسلم عن البشر إلا في أنه: * يُوحَىا إِلَيَّ * [الكهف: 110] فما زاد محمد عن البشر إلا أنه يُوحَى إليه.
ثم يقول تعالى: * أَنَّمَآ إِلَـاهُكُمْ إِلَـاهٌ وَاحِدٌ * [الكهف: 110] أنما: أداة قَصْر * إِلَـاهُكُمْ إِلَـاهٌ وَاحِدٌ * [الكهف: 110] أي: لا إله غيره، وهذه قِمَّة المسائل، فلا تلتفتوا إلى إله غيره، ومن أعظم نعم الله على الإنسان أنْ يكونَ له إله واحد، وقد ضرب لنا الحق سبحانه مثلاً ليوضح لنا هذه المسألة فقال تعالى:
* ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً رَّجُلاً فِيهِ شُرَكَآءُ مُتَشَاكِسُونَ وَرَجُلاً سَلَماً لِّرَجُلٍ هَلْ يَسْتَوِيَانِ مَثَلاً *[الزمر: 29].
فلا يستوي عبد مملوك لعدة أسياد يتجاذبونه؛ لأنهم متشاكسون مختلفون يَحَارُ فيما بينهم، إنْ أرضي هذا سخط ذاك. هل يستوي وعبد مملوك لسيد واحد؟ إذن: فمما يُحمَد الله عليه أنه إله واحد.
* فَمَن كَانَ يَرْجُواْ لِقَآءَ رَبِّهِ * [الكهف: 110] الناس يعملون الخير لغايات رسمها الله لهم في الجزاء، ومن هذه الغايات الجنة ونعيمها، لكن هذه الآية تُوضّح لنا غاية أَسْمى من الجنة ونعيمها، هي لقاء الله تعالى والنظر إلى وجهه الكريم، فقوله تعالى: * يَرْجُواْ لِقَآءَ رَبِّهًِ * [الكهف: 110] تصرف النظر عن النعمة إلى المنعم تبارك وتعالى.
فمن أراد لقاء ربه لا مُجرَّد جزائه في الآخرة: * فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صَالِحاً * [الكهف: 110] فهذه هي الوسيلة إلى لقاء الله؛ لأن العمل الصالح دليل على أنك احترمتَ أمر الآخر بالعمل، ووثقتَ من حكمته ومن حُبِّه لك فارتاحتْ نفسك في ظلِّ طاعته، فإذا بك إذا أويْتَ إلى فراشك تستعرض شريط أعمالك، فلا تجد إلا خيراً تسعَدُ به نفسك، وينشرح له صدرك، ولا تتوجَّس شراً من أحد، ولا تخاف عاقبة أمر لا تُحمَدُ عقباه، فمَنِ الذي أنعم عليك بكل هذه النعم ووفَّقك لها؟
ثم: * وَلاَ يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدَاً * [الكهف: 110] وسبق أن قُلْنا: إن الجنة أحد، فلا تشرك بعبادة الله شيئاً، ولو كان هذا الشيء هو الجنة، فعليك أنْ تسموَ بغاياتك، لا إلى الجنة بل إلى لقاء ربها وخالقها والمنعِم بها عليك.

وقد ضربنا لذلك مثلاً بالرجل الذي أعدَّ وليمة عظيمة فيها أطايب الطعام والشراب، ودعا إليها أحبابه فلما دخلوا شغلهم الطعام إلا واحداً لم يهتم بالطعام والشراب، وسأل عن صاحب الوليمة ليُسلِّم عليه ويأنس به.
وما أصدق ما قالته رابعة العدوية:كُلُّهم يَعبدُونَ مِنْ خَوْفِ نارٍ ويروْنَ النَّجاةَ حَظَّا جَزِيلاًأَوْ بأنْ يسكنُوا الجِنَان فيحظَوْاَ بقصُورٍ ويشْرَبُوا سَلْسَبِيلاليسَ لِي بالجنَانِ والنَّارِ حظُّ أنَا لا ابتغِي بحُبِّي بَدِيلاوهذا يشرح لنا الحديث القدسي: " لوْ لَم أخلق جنة وناراً، أما كنتُ أَهْلاً لأنْ أُعْبَد؟ ".
فلا ينبغي للعبد أن يكون نفعياً حتى في العبادة، والحق سبحانه وتعالى أهْل بذاته لأن يُعبد، لا خوفاً من ناره، ولا طمعاً في جنته، فاللهم ارزقنا هذه المنزلة، واجعلنا برحمتك من أهلها.