والواقع أن هذه الصفة لا تتحقَّق إلا بالمحافظة على أحكام التجويد المستمدة من قراءة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - والتي ثبتت عنه بالتواتر والأحاديث الصحيحة؛ ففي صحيح البخاري أن أنسًا - رضي الله عنه - سُئِل: كيف كانت قراءة النبي - صلى الله عليه وسلم؟ فقال: "كانت قراءته مدًّا، ثم قرأ بسم الله الرحمن الرحيم؛ يمد بسم الله، ويمد بالرحمن، ويمد بالرحيم".
وقد نُقِلت لنا هذه الصفة بأعلى درجات الرواية، وهي المشافهة؛ حيث يتلقَّى القارئ القرآن عن المقرئ، والمقرئ يتلقَّاه عن شيخه، وشيخه عن شيخه، وهكذا، حتى تنتهي السلسلة إلى النبي - صلى الله عليه وسلم.
ومن المؤكَّد أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قد علَّم أصحابه القرآن، كما تلقَّاه عن أمين الوحي جبريل - عليه السلام - ولقَّنهم إياه بنفس الصفة، وحثَّهم على تعلمها والقراءة بها؛ فلقد ثبت أن النبي - صلى الله عليه وسلم - سَمِع ابن مسعود - رضي الله عنه - يقرأ في صلاته، فقال: ((مَن سرَّه أن يقرأ القرآن غضًّا كما أُنزِل، فليقرأه على قراءة ابن أمِّ عبد))، والحديث رواه أحمد والطبراني والبزار، وفيه عاصم بن أبي النَّجود، وهو على ضعفِه حسنُ الحديث، وبقية رجال أحمد والطبراني رجال الصحيح.
ولعل المقصد - والله أعلم - أن يقرأه على الصفة التي قرأ بها عبدالله بن مسعود من حُسْن الصوت، وجودة الترتيل، وحسن الأداء.